يبكين محمود الضريبة ماجدا ... صبورا لدى الهيجاء عند الحقائق
لقد أصبحت نفسي لذاك حزينة ... وشابت لما حملت منه مفارقي
قال أبو مخنف: فحدثني حدرة بن عبد الله الأزدي، والنضر ابن صالح العبسي، وفضيل بن خديج، كلهم أخبرنيه ان الحارث بن ابى ربيعه الملقب بالقباع أتاه أهل الكوفة، فصاحوا إليه وقالوا له:
اخرج فإن هذا عدو لنا قد أظل علينا ليست له بقية، فخرج وهو يكد كدا حتى نزل النخيلة فأقام بها أياما، فوثب إليه إبراهيم بن الأشتر، فحمد اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فإنه سار إلينا عدو ليست له تقيه، يقتل الرجل والمرأة والمولود، ويخيف السبيل، ويخرب البلاد، فانهض بنا إليه، فأمر بالرحيل فخرج فنزل دير عبد الرحمن، فأقام فيه حتى دخل إليه شبث بن ربعي، فكلمه بنحو مما كلمه به ابن الأشتر، فارتحل ولم يكد، فلما رأى الناس بطء سيره رجزوا به فقالوا:
سار بنا القباع سيرا نكرا ... يسير يوما ويقيم شهرا
فأشخصوه من ذلك المكان، فكلما نزل بهم منزلا أقام بهم حتى يضج الناس به من ذلك، ويصيحوا به حول فسطاطه، فلم يبلغ الصراة إلا في بضعة عشر يوما، فأتى الصراة وقد انتهى إليها طلائع العدو وأوائل الخيول، فلما أتتهم العيون بأنه قد أتاهم جماعة أهل المصر قطعوا الجسر بينهم وبين الناس، وأخذ الناس يرتجزون:
إن القباع سار سيرا ملسا بين دبيرى ودباها خمسا قَالَ أَبُو مخنف: وَحَدَّثَنِي يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، أن رجلا من السبيع كان به لمم، وكان بقرية يقال لها جوبر عند الخرارة،