للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من مبلغ الفتيان أن أخاهمُ ... أتى دونه باب شديد وحاجبه

بمنزلة ما كان يرضى بمثلها ... إذا قام عنته كبول تجاوبه

على الساق فوق الكعب أسود صامت ... شديد يداني خطوه ويقاربه

وما كان ذا من عظم جرم جنيته ... ولكن سعى الساعي بما هو كاذبه

وقد كان في الأرض العريضة مسلك ... وأي امرئ ضاقت عليه مذاهبه!

وفي الدهر والأيام للمرء عبرة ... وفيما مضى إن ناب يوما نوائبه

فكلم عبيد الله قوما من مذحج أن يأتوا مصعبا في أمره، وأرسل إلى وجوههم، فقال: ائتوا مصعبا فكلموه في أمري ذاته، فإنه حبسني على غير جرم، سعى بي قوم كذبة وخوفوه ما لم أكن لأفعله، وما لم يكن من شأني وأرسل إلى فتيان من مذحج وقال: البسوا السلاح، وخذوا عدة القتال، فقد أرسلت قوما إلى مصعب يكلمونه في أمري، فأقيموا بالباب، فإن خرج القوم وقد شفعهم فلا تعرضوا لأحد، وليكن سلاحكم مكفرا بالثياب، فجاء قوم من مذجح فدخلوا على مصعب فكلموه، فشفعهم، فأطلقه وكان ابن الحر قال لأصحابه: إن خرجوا ولم يشفعهم فكابروا السجن فإني أعينكم من داخل، فلما خرج ابن الحر قال لهم: أظهروا السلاح، فأظهروه، ومضى لم يعرض له أحد، فأتى منزله، وندم مصعب على إخراجه، فأظهر ابن الحر الخلاف، وأتاه الناس يهنئونه، فقال:

هذا الأمر لا يصلح إلا لمثل خلفائكم الماضين، وما نرى لهم فينا ندا ولا شبيها فنلقي إليه أزمتنا، ونمحضه نصيحتنا، فإن كان إنما هو من عز بز، فعلام: نعقد لهم في أعناقنا بيعة، وليسوا بأشجع منا لقاء، ولا اعظم منا غناء! [وقد عهد إلينا رسول الله ص:

ألا طاعة لمخلوق في معصية الخالق،] وما رأينا بعد الأربعة الماضين إماما صالحا، ولا وزيرا تقيا، كلهم عاص مخالف، قوي الدنيا، ضعيف

<<  <  ج: ص:  >  >>