فتناهضنا فاقتتلنا كأشد قتال كان في الناس ثم إن الله أنزل نصره على المؤمنين والمسلمين، وضرب الله وجوه أعدائه، فأتبعهم المسلمون يقتلونهم، ولا يمنعون ولا يمتنعون، وأفاء الله ما في عسكرهم على المسلمين، ثم أتبعتهم داود بن قحذم، والله ان شاء مهلكهم ومستأصلهم، والسلام عليك.
فلما قدم هذا الكتاب على عبد الملك كتب عبد الملك الى بشر ابن مروان:
أما بعد، فابعث من قبلك رجلا شجاعا بصيرا بالحرب في أربعة آلاف فارس، فليسيروا إلى فارس في طلب المارقة، فإن خالدا كتب إلي يخبرني أنه قد بعث في طلبهم داود بن قحذم، فمر صاحبك الذى تبعث الا يخالف داود بن قحذم إذا ما التقيا، فإن اختلاف القوم بينهم عون لعدوهم عليهم والسلام عليك.
فبعث بشر بن مروان عتاب بن ورقاء في أربعة آلاف فارس من أهل الكوفة، فخرجوا حتى التقوا هم وداود بن قحذم بأرض فارس، ثم اتبعوا القوم يطلبونهم حتى نفقت خيول عامتهم، وأصابهم الجهد والجوع، ورجع عامة ذينك الجيشين مشاة إلى الأهواز، فقال ابن قيس الرقيات- من بني مخزوم- في هزيمة عبد العزيز وفراره عن امرأته:
عبد العزيز فضحت جيشك كلهم ... وتركتهم صرعى بكل سبيل
من بين ذي عطش يجود بنفسه ... وملحب بين الرجال قتيل
هلا صبرت مع الشهيد مقاتلا ... إذ رحت منتكث القوى بأصيل
وتركت جيشك لا أمير عليهمُ ... فارجع بعار في الحياه طويل