في جهاز واستعداد للخروج، ولم يمنعني من الخروج إلا انتظارك، فأقبل إلينا، ثم اخرج بنا متى ما أحببت، فإنك ممن لا يستغنى عن رأيه، ولا تقضى دونه الأمور والسلام عليك.
فلما قدم على شبيب كتابه بعث إلى نفر من أصحابه فجمعهم إليه، منهم اخوه مصاد بن يزيد بن نعيم، والمحلل بن وائل اليشكري، والصقر ابن حاتم من بني تيم بن شيبان، وإبراهيم بن حجر أبو الصقير من بني محلم، والفضل بن عامر من بني ذهل بن شيبان، ثم خرج حتى قدم على صالح بن مسرح بدارا، فلما لقيه قال: اخرج بنا رحمك الله! فو الله ما تزداد السنة إلا دروسا، ولا يزداد المجرمون إلا طغيانا فبث صالح رسله في أصحابه، وواعدهم الخروج في هلال صفر ليلة الأربعاء سنة ست وسبعين فاجتمع بعضهم إلى بعض، وتهيئوا، وتيسروا للخروج في تلك الليلة، واجتمعوا جميعا عنده في تلك الليلة لميعاده.
قال أبو مخنف: فحدثني فروة بن لقيط الأزدي، قال: والله إني لمع شبيب بالمدائن إذ حدثنا عن مخرجهم، قال: لما هممنا بالخروج اجتمعنا إلى صالح بن مسرح ليلة خرج، فكان رأيي استعراض الناس لما رأيت من المنكر والعدوان والفساد في الأرض، فقمت إليه فقلت:
يا أمير المؤمنين، كيف ترى في السيرة في هؤلاء الظلمة؟ أنقتلهم قبل الدعاء، أم ندعوهم قبل القتال؟ وسأخبرك برأيي فيهم قبل أن تخبرني فيهم برأيك، أما أنا فأرى أن نقتل كل من لا يرى رأينا قريبا كان أو بعيدا، فإنا نخرج على قوم غاوين طاغين باغين قد تركوا أمر الله، واستحوذ عليهم الشيطان فقال: لا بل ندعوهم، فلعمري لا يجيبك إلا من يرى رأيك وليقاتلنك من يزري عليك، والدعاء أقطع لحجتهم، وأبلغ في الحجة عليهم قال: فقلت له: فكيف ترى فيمن قاتلنا فظفرنا به؟ ما تقول في دمائهم وأموالهم؟ فقال: إن قتلنا وغنمنا فلنا، وإن تجاوزنا وعفونا فموسع علينا ولنا قال: فأحسن القول وأصاب، رحمة الله عليه وعلينا قال أبو مخنف: فحدثني رجل من بني محلم أن صالح بن مسرح