للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال لأصحابه ليلة خرج: اتقوا الله عباد الله، ولا تعجلوا إلى قتال أحد من الناس إلا أن يكونوا قوما يريدونكم، وينصبون لكم، فإنكم إنما خرجتم غضبا لله حيث انتهكت محارمه، وعصي في الأرض، فسفكت الدماء بغير حلها، وأخذت الأموال بغير حقها، فلا تعيبوا على قوم أعمالا ثم تعملوا بها، فإن كل ما أنتم عاملون أنتم عنه مسؤلون، وإن عظمكم رجالة، وهذه دواب لمُحَمَّد بن مروان في هذا الرستاق، فابدءوا بها، فشدوا عليها، فاحملوا أراجلكم، وتقووا بها على عدوكم فخرجوا فأخذوا تلك الليلة الدواب فحملوا رجالتهم عليها، وصارت رجالتها فرسانا، وأقاموا بأرض دارا ثلاث عشرة ليلة، وتحصن منهم أهل دارا وأهل نصيبين وأهل سنجار، وخرج صالح ليلة خرج في مائة وعشرين- وقيل في مائة وعشرة- قال: وبلغ مخرجهم مُحَمَّد بن مروان وهو يومئذ أمير الجزيرة، فاستخف بأمرهم، وبعث إليهم عدي بن عدي بن عميرة من بني الحارث بن معاوية بن ثور في خمسمائة، فقال له: أصلح الله الأمير! أتبعثني إلى رأس الخوارج منذ عشرين سنة! قد خرج معه رجال من ربيعة قد سموا لي، كانوا يعازوننا، الرجل منهم خير من مائة فارس في خمسمائة رجل قال له: فانى ازيدك خمسمائة أخرى، فسر إليهم في ألف، فسار من حران في الف رجل، فكان أول جيش سار إلى صالح وسار إليه عدي، وكأنما يساق إلى الموت، وكان عدي رجلا يتنسك، فأقبل حتى إذا نزل دوغان نزل بالناس وسرح إلى صالح بن مسرح رجلا دسه إليه من بني خالد من بني الورثة، يقال له: زياد بن عبد الله، فقال: إن عديا بعثني إليك يسألك أن تخرج من هذا البلد وتأتي بلدا آخر فتقاتل أهله، فإن عديا للقائك كاره، فقال له صالح: ارجع اليه، فقل له: إن كنت ترى رأينا فأرنا من ذلك ما نعرف، ثم نحن مدلجون عنك من هذا البلد إلى غيره، وإن كنت على رأي الجبابرة وأئمة السوء رأينا رأينا، فان شئنا

<<  <  ج: ص:  >  >>