قبيصة لينهضك إليهم، فانهض إليهم إذا قدم عليك بجميع المسلمين، ثم جاهدهم أشد الجهاد، وإياك والعلل والأباطيل، والأمور التي ليست لك عندي بسائغة ولا جائزة، والسلام.
فأخرج المهلب بينه، كل ابن له في كتيبة، وأخرج الناس على راياتهم ومصافهم واخماسهم، وجاء البراء بن قبيصة فوقف على تل قريب منهم حيث يراهم فأخذت الكتائب تحمل على الكتائب، والرجال على الرجال، فيقتتلون أشد قتال رآه الناس من صلاة الغداة إلى انتصاف النهار، ثم انصرفوا.
فجاء البراء بن قبيصة إلى المهلب فقال له: لا والله ما رأيت كبنيك فرسانا قط، ولا كفرسانك من العرب فرسانا قط، ولا رأيت مثل قوم يقاتلونك قط أصبر ولا أبأس، أنت والله المعذور فرجع بالناس المهلب، حتى إذا كان عند العصر خرج إليهم بالناس وبنيه في كتائبهم، فقاتلوه كقتالهم في أول مرة.
قال أبو مخنف: وحدثني أبو المغلس الكناني، عن عمه أبي طلحة، قال: خرجت كتيبة من كتائبهم لكتيبة من كتائبنا، فاشتد بينهما القتال، فأخذت كل واحدة منهما لا تصد عن الأخرى، فاقتتلتا حتى حجز الليل بينهما، فقالت إحداهما للأخرى: ممن أنتم؟ فقال هؤلاء: نحن من بني تميم، وقال هؤلاء: نحن من بني تميم، فانصرفوا عند المساء، قال المهلب للبراء:
كيف رأيت؟ قال: رأيت قوما والله ما يعينك عليهم إلا الله فأحسن إلى البراء بن قبيصة وأجازه، وحمله وكساه، وأمر له بعشرة آلاف درهم، ثم انصرف إلى الحجاج فأتاه بعذر المهلب، وأخبره بما رأى، وكتب المهلب إلى الحجاج:
أما بعد، فقد أتاني كتاب الأمير أصلحه الله، واتهامه إياي في هذه الخارجة المارقة، وأمرني الأمير بالنهوض إليهم، وإشهاد رسوله ذلك، وقد فعلت، فليسأله عما رأى، فاما انا فو الله لو كنت أقدر على استئصالهم وإزالتهم عن مكانهم ثم أمسكت عن ذلك لقد غششت المسلمين، وما وفيت