للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأمير المؤمنين، ولا نصحت للأمير- أصلحه الله- فمعاذ الله أن يكون هذا من رأيي، ولا مما أدين الله به، والسلام.

ثم إن المهلب قاتلهم بها ثمانية عشر شهرا لا يستقل منهم شيئا، ولا يرى في موطن ينقعون له ولمن معه من أهل العراق من الطعن والضرب ما يرد عونهم به ويكفونهم عنهم ثم إن رجلا منهم كان عاملا لقطري على ناحية من كرمان خرج في سرية لهم يدعى المقعطر من بنى ضبة، فقتل رجلا قد كان ذا بأس من الخوارج، ودخل منهم في ولاية، فقتله المقعطر، فوثبت الخوارج إلى قطري، فذكروا له ذلك، وقالوا: أمكنا من الضبي نقتله بصاحبنا، فقال لهم:

ما أرى أن أفعل، رجل تأول فأخطأ في التأويل ما أرى أن تقتلوه، وهو من ذوي الفضل منكم، والسابقة فيكم، قالوا: بلى، قال لهم: لا، فوقع الاختلاف بينهم، فولوا عبد رب الكبير، وخلعوا قطريا، وبايع قطريا منهم عصابة نحوا من ربعهم أو خمسهم، فقاتلهم نحوا من شهر غدوة وعشية.

فكتب بذلك المهلب إلى الحجاج:

أما بعد، فإن الله قد ألقى بأس الخوارج بينهم، فخلع عظمهم قطريا وبايعوا عبد رب، وبقيت عصابة منهم مع قطري، فهم يقاتل بعضهم بعضا غدو وعشيا، وقد رجوت أن يكون ذلك من أمرهم سبب هلاكهم إن شاء الله، والسلام.

فكتب إِلَيْهِ:

أَمَّا بَعْدُ فقد بلغني كتابك تذكر فيه اختلاف الخوارج بينها، فإذا أتاك كتابي هذا فناهضهم على حال اختلافهم وافتراقهم قبل أن يجتمعوا، فتكون مئونتهم عليك أشد، والسلام فكتب إليه:

أما بعد، فقد بلغني كتاب الأمير، وكل ما فيه قد فهمت، ولست أرى أن أقاتلهم ما داموا يقتل بعضهم بعضا، وينقص بعضهم عدد بعض، فإن تموا على ذلك فهو الذي نريد وفيه هلاكهم، وإن اجتمعوا لم

<<  <  ج: ص:  >  >>