رأس رهوة، فقال بعضنا، هذا والله جبلة بن زحر، احملوا عليه ما دام أصحابه مشاغيل بالقتال عنه لعلكم تصيبونه قال: فحملنا عليه، فأشهد ما ولى، ولكن حمل علينا بالسيف فلما هبط من الرهوة شجرناه بالرماح فأذريناه عن فرسه فوقع قتيلا، ورجع أصحابه، فلما رأيناهم مقبلين تنحينا عنهم، فلما رأوه قتيلا رأينا من استرجاعهم وجزعهم ما قرت به أعيننا، قال: فتبينا ذلك في قتالهم إيانا وخروجهم إلينا.
قال أبو مخنف: حدثني سهم بن عبد الرحمن الجهني، قال: لما أصيب جبلة هد الناس مقتله، حتى قدم علينا بسطام بن مصقلة بن هبيرة الشيباني، فشجع الناس مقدمه، وقالوا: هذا يقوم مقام جبلة، فسمع هذا القول من بعضهم أبو البختري، فقال: قبحتم! إن قتل منكم رجل واحد ظننتم أن قد أحيط بكم، فإن قتل الآن ابن مصقلة ألقيتم بأيديكم إلى التهلكة، وقلتم: لم يبق أحد يقاتل معه! ما أخلقكم أن يخلف رجاؤنا فيكم! وكان مقدم بسطام من الري، فالتقى هو وقتيبة في الطريق، فدعاه قتيبة إلى الحجاج وأهل الشام، ودعاه بسطام إلى عبد الرحمن وأهل العراق، فكلاهما أبى على صاحبه، وقال بسطام: لأن أموت مع أهل العراق أحب إلي من أن أعيش مع أهل الشام، وكان قد نزل ماسبذان، فلما قدم قال لابن مُحَمَّد: أمرني على خيل ربيعة، ففعل، فقال لهم:
يا معشر ربيعة، إن في شرسفة عند الحرب فاحتملوها لي- وكان شجاعا- فخرج الناس ذات يوم ليقتتلوا، فحمل في خيل ربيعة حتى دخل عسكرهم، فأصابوا فيهم نحوا من ثلاثين امرأة من بين أمة وسرية، فأقبل بهن حتى إذا دنا من عسكره ردهن، فجئن ودخلن عسكر الحجاج، فقال: أولى لهم! منع القوم نساءهم، أما لو لم يردوهن لسبيت نساؤهم غدا إذا ظهرت ثم اقتتلوا يوما آخر بعد ذلك، فحمل عبد الله بن مليل الهمداني في خيل له حتى دخل