عسكرهم فسبا ثماني عشرة امرأة، وكان معه طارق بن عبد الله الأسدي- وكان راميا- فخرج شيخ من أهل الشام من فسطاطه، فأخذ الأسدي يقول لبعض أصحابه: استر مني هذا الشيخ لعلني أرميه أو أحمل عليه فأطعنه، فإذا الشيخ يقول رافعا صوته: اللهم لمنا وإياهم بعافية، فقال الأسدي: ما أحب أن أقتل مثل هذا، فتركه، وأقبل ابن مليل بالنساء غير بعيد، ثم خلى سبيلهن أيضا، فقال الحجاج مثل مقالته الأولى.
قال هشام: قال أبي: أقبل الوليد بن نحيت الكلبي من بني عامر في كتيبة إلى جبلة بن زحر، فانحط عليه الوليد من رابية- وكان جسيما، وكان جبلة رجلا ربعة- فالتقيا- فضربه على رأسه فسقط، وانهزم أصحابه وجيء برأسه قال هشام: فحدثني بهذا الحديث أبو مخنف وعوانة الكلبي، قال:
لما جيء برأس جبلة بن زحر إلى الحجاج حمله على رمحين ثم قال: يا أهل الشام، أبشروا، هذا أول الفتح، لا والله ما كانت فتنة قط فخبت حتى يقتل فيها عظيم من عظماء أهل اليمن، وهذا من عظمائهم ثم خرجوا ذات يوم فخرج رجل من أهل الشام يدعو إِلَى المبارزة، فخرج اليه الحجاج ابن جارية، فحمل عليه، فطعنه فأذراه، وحمل أصحابه فاستنقذوه، فإذا هو رجل من خثعم يقال له أبو الدرداء، فقال الحجاج بن جارية:
أما إني لم أعرفه حتى وقع، ولو عرفته ما بارزته، ما أحب أن يصاب من قومي مثله وخرج عبد الرحمن بن عوف الرؤاسي أبو حميد فدعا إلى المبارزة، فخرج إليه ابن عم له من أهل الشام، فاضطربا بسيفيهما، فقال كل واحد منهما: أنا الغلام الكلابي، فقال كل واحد منهما لصاحبه:
من أنت؟ فلما تساءلا تحاجزا وخرج عبد الله بن رزام الحارثي إلى كتيبة الحجاج، فقال: أخرجوا إلي رجلا رجلا، فأخرج إليه رجل، فقتله ثم فعل ذلك ثلاثة أيام، يقتل كل يوم رجلا، حتى إذا كان اليوم الرابع