وكان رسوله إلى رتبيل، فخص برتبيل أيضا، وخف عليه فقال القاسم ابن مُحَمَّد بن الأشعث لأخيه عبد الرحمن: إني لا آمن غدر التميمي، فاقتله، فهم به، وبلغ ابن أبي سبيع، فخافه فوشى به إلى رتبيل، وخوفه الحجاج، ودعاه إلى الغدر بابن الأشعث فأجابه، فخرج سرا إلى عمارة بن تميم، فاستعجل في ابن الأشعث، فجعل له ألف ألف، فأقام عنده، وكتب بذلك عمارة إلى الحجاج، فكتب إليه أن أعط عبيدا ورتبيل ما سالاك واشترط، فاشترط رتبيل الا تغزى بلاده عشر سنين، وأن يؤدي بعد العشر سنين في كل سنه تسعمائة ألف، فأعطى رتبيل وعبيدا ما سألا، وأرسل رتبيل إلى ابن الأشعث فأحضره وثلاثين من أهل بيته، وقد أعد لهم الجوامع والقيود، فألقى في عنقه جامعة، وفي عنق القاسم جامعة، وأرسل بهم جميعا إلى أدنى مسالح عمارة منه، وقال لجماعة من كان مع ابن الأشعث من الناس: تفرقوا إلى حيث شئتم، ولما قرب ابن الأشعث من عمارة ألقى نفسه من فوق قصر فمات، فاحتز رأسه، فأتى به وبالأسرى عمارة، فضرب أعناقهم، وأرسل برأس ابن الأشعث وبرءوس أهله وبامرأته إلى الحجاج، فقال في ذلك بعض الشعراء:
هيهات موضع جثة من رأسها ... رأس بمصر وجثة بالرخج
وكان الحجاج أرسل به إلى عبد الملك، فأرسل به عبد الملك إلى عبد العزيز وهو يومئذ على مصر.
وذكر عمر بن شبة أن ابن عائشة حدثه قال: أخبرني سعد بن عبيد الله قال: لما أتي عبد الملك برأس ابن الأشعث أرسل به مع خصي إلى امرأة منهم كانت تحت رجل من قريش، فلما وضع بين يديها قالت: مرحبا بزائر لا يتكلم، ملك من الملوك طلب ما هو أهله فأبت المقادير فذهب الخصي يأخذ الرأس فاجتذبته من يده، قالت: لا والله حتى أبلغ