للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوجأ رجلا منهم بقبيعة سيفه، فطعن فرسه، فاحتمله فألقاه في نهر بلخ فغرق، وعليه درعان، فقتل العجم قتلا ذريعا، ونجا منهم من نجا بشر، ومات حريث بن قطبة بعد يومين، فدفن في قبته قال: وارتحل موسى، وحملوا الرءوس إلى الترمذ، فبنوا من تلك الرءوس جوسقين، وجعلوا الرءوس يقابل بعضها بعضا وبلغ الحجاج خبر الوقعة، فقال: الحمد لله الذي نصر المنافقين على الكافرين، فقال أصحاب موسى:

قد كفينا أمر حريث، فأرحنا من ثابت، فأبى وقال: لا وبلغ ثابتا بعض ما يخوضون فيه، فدس مُحَمَّد بن عبد الله بن مرثد الخزاعي، عم نصر بن عبد الحميد عامل أبي مسلم على الري- وكان في خدمة موسى بن عبد الله- وقال له: إياك أن تتكلم بالعربية، وإن سألوك من أين أنت! فقل: من سبي الباميان، فكان يخدم موسى وينقل إلى ثابت خبرهم، فقال له:

تحفظ ما يقولون وحذر ثابت فكان لا ينام حتى يرجع الغلام، وأمر قوما من شاكريته يحرسونه ويبيتون عنده في داره، ومعهم قوم من العرب، وألح القوم على موسى فأضجروه، فقال لهم ليلة: قد أكثرتم علي، وفيم تريدون هلاككم، وقد أبرمتموني! فعلى أي وجه تفتكون به، وأنا لا أغدر به! فقال نوح بن عبد الله أخو موسى: خلنا وإياه، فإذا غدا إليك غدوة عدلنا به إلى بعض الدور، فضربنا عنقه فيها قبل أن يصل إليك، قال: أما والله إنه لهلاككم، وأنتم أعلم- والغلام يسمع- فأتى ثابتا فأخبره، فخرج من ليلته في عشرين فارسا فمضى وأصبحوا وقد ذهب فلم يدروا من أين أوتوا، وفقدوا الغلام، فعلموا أنه كان عينا له عليهم، ولحق ثابت بحشورا فنزل المدينة، وخرج إليه قوم كثير من العرب والعجم، فقال موسى لأصحابه:

قد فتحتم على أنفسكم بابا فسدوه، وسار اليه موسى، فخرج إليه ثابت في جمع كثير فقاتلهم، فأمر موسى بإحراق السور، وقاتلهم حتى ألجئوا ثابتا وأصحابه إلى المدينة، وقاتلوهم عن المدينة

<<  <  ج: ص:  >  >>