للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فلما أضاق أصحاب موسى واشتد عليهم الحصار قال يزيد بن هزيل: إنما مقام هؤلاء مع ثابت والقتل أحسن من الموت جوعا، والله لأفتكن بثابت أو لأموتن فخرج إلى ثابت فاستأمنه، فقال له ظهير: أنا أعرف بهذا منك، إن هذا لم يأتك رغبة فيك ولا جزعا لك، ولقد جاءك بغدرة، فاحذره وخلني وإياه، فقال: ما كنت لأقدم على رجل أتاني، لا أدري أكذلك هو أم لا قال: فدعني أرتهن منه رهنا، فأرسل ثابت إلى يزيد فقال: أما أنا فلم أكن أظن رجلا يغدر بعد ما يسأل الأمان، وابن عمك أعلم بك مني، فانظر ما يعاملك عليه، فقال يزيد لظهير: أبيت يا أبا سعيد إلا حسدا! قال: أما يكفيك ما ترى من الذل! تشردت عن العراق وعن أهلي، وصرت بخراسان فيما ترى، أفما تعطفك الرحم! فقال له ظهير: أما والله لو تركت ورأيي فيك لما كان هذا، ولكن أرهنا ابنيك قدامة والضحاك فدفعهما إليهم، فكانا في يدي ظهير.

قال: وأقام يزيد يلتمس غرة ثابت، لا يقدر منه على ما يريد، حتى مات ابن لزياد القصير الخزاعي، أتى أباه نعيه من مرو، فخرج متفضلا إلى زياد ليعزيه، ومعه ظهير ورهط من أصحابه، وفيهم يزيد بن هزيل، وقد غابت الشمس، فلما صار على نهر الصغانيان تأخر يزيد بن هزيل ورجلان معه، وقد تقدم ظهير وأصحابه، فدنا يزيد من ثابت فضربه فعض السيف برأسه، فوصل إلى الدماغ قال: ورمى يزيد وصاحباه بأنفسهم في نهر الصغانيان، فرموهم، فنجا يزيد سباحة وقتل صاحباه، وحمل ثابت إلى منزله، فلما أصبح طرخون أرسل إلى ظهير: ائتني بابني يزيد، فأتاه بهما، فقدم ظهير الضحاك بن يزيد فقتله، ورمى به وبرأسه في النهر، وقدم قدامة ليقتله، فالتفت فوقع السيف في صدره، ولم يبن، فألقاه في النهر حيا فغرق، فقال طرخون: أبوهما قتلهما وغدره فقال يزيد بن هزيل: لأقتلن يا بني كل خزاعي بالمدينة، فقال له عبد الله بن بديل بن عبد الله بن بديل بن ورقاء- وكان ممن أتى موسى من فل ابن الأشعث:

<<  <  ج: ص:  >  >>