للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مني، وكسر ذلك أهل السغد، فطلبوا الصلح، وعرضوا الفدية فأبى، وقال: أنا ثائر بدم طرخون، كان مولاي وكان من أهل ذمتي.

قالوا: حدث عمرو بن مسلم، عن أبيه، قال: أطال قتيبة المقام، وثلمت الثلمة في سمرقند قال: فنادى مناد فصيح بالعربية يشتم قتيبة، قال:

فقال عمرو بن أبي زهدم: ونحن حول قتيبة، فحين سمعنا الشتم خرجنا مسرعين، فمكثنا طويلا وهو ملح بالشتم، فجئت إلى رواق قتيبة فاطلعت، فإذا قتيبة محتب بشملة يقول كالمناجي لنفسه: حتى متى يا سمرقند يعشش فيك الشيطان! أما والله لئن أصبحت لأحاولن من أهلك أقصى غاية، فانصرفت إلى أصحابي، فقلت: كم من نفس أبية ستموت غدا منا ومنهم! وأخبرتهم الخبر.

قال: وأما باهلة فيقولون: سار قتيبة فجعل النهر يمينه حتى ورد بخارى، فاستنهضهم معه، وسار حتى إذا كان بمدينة أربنجن، وهي التي تجلب منها اللبود الأربنجنية، لقيهم غوزك صاحب السغد في جمع عظيم من الترك وأهل الشاش وفرغانة، فكانت بينهم وقائع من غير مزاحفة، كل ذلك يظهر المسلمون، ويتحاجزون حتى قربوا من مدينة سمرقند، فتزاحفوا يومئذ، فحمل السغد على المسلمين حملة حطموهم حتى جازوا عسكرهم، ثم كر المسلمون عليهم حتى ردوهم إلى عسكرهم، وقتل الله من المشركين عددا كثيرا، ودخلوا مدينة سمرقند فصالحوهم.

قال: وأخبرنا الباهليون عن حاتم بن أبي صغيرة، قال: رأيت خيلا يومئذ تطاعن خيل المسلمين، وقد أمر يومئذ قتيبة بسريره فأبرز، وقعد عليه، وطاعنوهم حتى جازوا قتيبة، وإنه لمحتب بسيفه ما حل حبوته، وانطوت مجنبتا المسلمين على الذين هزموا القلب، فهزموهم حتى ردوهم إلى عسكرهم، وقتل من المشركين عدد كثير، ودخلوا مدينة سمرقند فصالحوهم وصنع غوزك طعاما ودعا قتيبة، فأتاه في عدد من أصحابه، فلما تغدى استوهب منه سمرقند، فقال للملك: انتقل عنها، فانتقل عنها، وتلا قتيبة:

«وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى وَثَمُودَ فَما أَبْقى»

<<  <  ج: ص:  >  >>