للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأيتم هذه الهيئة؟ قالوا: هذه الهيئة أشبه بهيئه الرجال من تلك الاولى، وهم أولئك، فلما كان اليوم الثالث أرسل إليهم فشدوا عليهم سلاحهم، ولبسوا البيض والمغافر، وتقلدوا السيوف، وأخذوا الرماح، وتنكبوا القسي، وركبوا خيولهم، وغدوا فنظر إليهم صاحب الصين فرأى أمثال الجبال مقبلة، فلما دنوا ركزوا رماحهم، ثم أقبلوا نحوهم مشمرين، فقيل لهم قبل أن يدخلوا: ارجعوا، لما دخل قلوبهم من خوفهم.

قال: فانصرفوا فركبوا خيولهم، واختلجوا رماحهم، ثم دفعوا خيولهم كأنهم يتطاردون بها، فقال الملك لأصحابه: كيف ترونهم؟ قالوا:

ما رأينا مثل هؤلاء قط، فلما أمسى أرسل إليهم الملك، أن ابعثوا إلي زعيمكم وأفضلكم رجلا فبعثوا إليه هبيرة، فقال له حين دخل عليه: قد رأيتم عظيم ملكي، وإنه ليس أحد يمنعكم مني، وأنتم في بلادي، وإنما أنتم بمنزلة البيضة في كفي وأنا سائلك عن أمر فإن لم تصدقني قتلتكم.

قال: سل، قال: لم صنعتم ما صنعتم من الزي في اليوم الأول والثاني والثالث؟

قال: أما زينا الأول فلباسنا في أهالينا وريحنا عندهم، وأما يومنا الثاني فإذا أتينا أمراءنا وأما اليوم الثالث فزينا لعدونا، فإذا هاجنا هيج وفزع كنا هكذا قال: ما أحسن ما دبرتم دهركم! فانصرفوا إلى صاحبكم فقولوا له: ينصرف، فإني قد عرفت حرصه وقلة أصحابه وإلا بعثت عليكم من يهلككم ويهلكه، قال له: كيف يكون قليل الأصحاب من أول خيله في بلادك وآخرها في منابت الزيتون! وكيف يكون حريصا من خلف الدنيا قادرا عليها وغزاك! وأما تخويفك إيانا بالقتل فإن لنا آجالا إذا حضرت فأكرمها القتل، فلسنا نكرهه ولا نخافه، قال: فما الذي يرضي صاحبك؟ قال: إنه قد حلف الا ينصرف حتى يطأ أرضكم، ويختم ملوككم، ويعطى الجزية، قال: فإنا نخرجه من يمينه، نبعث اليه

<<  <  ج: ص:  >  >>