بتراب من تراب أرضنا فيطؤه، ونبعث ببعض أبنائنا فيختمهم، ونبعث إليه بجزية يرضاها قال: فدعا بصحاف من ذهب فيها تراب، وبعث بحرير وذهب وأربعة غلمان من أبناء ملوكهم، ثم أجازهم فأحسن جوائزهم، فساروا فقدموا بما بعث به، فقبل قتيبة الجزية، وختم الغلمة وردهم، ووطيء التراب، فقال سوادة بن عبد الله السلولي:
لا عيب في الوفد الذين بعثتهم ... للصين أن سلكوا طريق المنهج
كسروا الجفون على القذى خوف الردى ... حاشا الكريم هبيرة بن مشمرج
لم يرض غير الختم في أعناقهم ... ورهائن دفعت بحمل سمرج
أدى رسالتك التي استرعيته ... وأتاك من حنث اليمين بمخرج
قال: فأوفد قتيبة هبيرة إلى الوليد، فمات بقرية من فارس، فرثاه سوادة، فقال:
لله قبر هبيرة بن مشمرج ... ماذا تضمن من ندى وجمال!
وبديهة يعيا بها أبناؤها ... عند احتفال مشاهد الأقوال
كان الربيع إذا السنون تتابعت ... والليث عند تكعكع الأبطال
فسقت بقربة حيث امسى قبره ... غر يرحن بمسبل هطال
بكيت الجياد الصافنات لفقده ... وبكاه كل مثقف عسال
وبكته شعث لم يجدن مواسيا ... في العام ذي السنوات والإمحال
قال: وقال الباهليون: كان قتيبة إذا رجع من غزاته كل سنة اشترى اثني عشر فرسا من جياد الخيل، واثني عشر هجينا، لا يجاوز بالفرس أربعة آلاف، فيقام عليها إلى وقت الغزو، فإذا تاهب للغزو وعسكر قيدت وأضمرت، فلا يقطع نهرا بخيل حتى تخف لحومها، فيحمل عليها من يحمله في الطلائع وكان يبعث في الطلائع الفرسان من الأشراف، ويبعث معهم رجالا من العجم ممن يستنصح على تلك الهجن، وكان إذا بعث