فذهبوا ليصعدوا فيه، وأشرف عليهم العدو يرشقونهم بالنشاب، ويرمونهم بالحجارة، فانهزم الناس من فم الشعب من غير كبير قتال ولا قوة من عدوهم على اتباعهم وطلبهم، وأقبلوا يركب بعضهم بعضا، حتى أخذوا يتساقطون في اللهوب، ويتدهدى الرجل من رأس الجبل حتى نزلوا إلى عسكر يزيد لا يعبئون بالشر شيئا.
وأقام يزيد بمكانه على حاله، وأقبل الإصبهبذ يكاتب أهل جرجان ويسألهم أن يثبوا بأصحاب يزيد، وأن يقطعوا عليه مادته والطرق فيما بينه وبين العرب، ويعدهم أن يكافئهم على ذلك، فوثبوا بمن كان يزيد خلف من المسلمين، فقتلوا منهم من قدروا عليه، واجتمع بقيتهم فتحصنوا في جانب، فلم يزالوا فيه حتى خرج إليهم يزيد وأقام يزيد على الإصبهبذ في ارضه حتى صالحه على سبعمائة الف درهم وأربعمائة الف نقدا ومائتي الف وأربعمائة حمار موقره زعفرانا، وأربعمائة رجل؟
على راس كل رجل برنس، على البرنس طيلسان ولجام من فضة وسرقة من حرير، وقد كانوا صالحوا قبل ذلك على مائتي ألف درهم.
ثم خرج منها يزيد وأصحابه كأنهم فل، ولولا ما صنع أهل جرجان لم يخرج من طبرستان حتى يفتحها.
وأما غير أبي مخنف، فإنه قال في أمر يزيد وأمر أهل جرجان ما حدثني أحمد بن زهير، عن علي بن مُحَمَّد، عَنْ كُلَيْبِ بْنِ خَلَفٍ وَغَيْرِهِ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ صَالَحَ أَهْلَ جُرْجَانَ، ثُمَّ امْتَنَعُوا وَكَفَرُوا، فَلَمْ يَأْتِ جُرْجَانَ بَعْدَ سَعِيدٍ أَحَدٌ، ومنعوا ذلك الطريق، فلم يكن يسلك طريق خراسان من ناحيته أحد إِلا عَلَى وَجَلٍ وَخَوْفٍ مِنْ أَهْلِ جُرْجَانَ، كان الطَّرِيقُ إِلَى خُرَاسَانَ مِنْ فَارِسٍ إِلَى كَرْمَانَ، فَأَوَّلُ مَنْ صَيَّرَ الطَّرِيقَ مِنْ قُومِسَ قُتَيْبَةُ بن مسلم حين ولي خراسان ثم غزا مصقلة خراسان أيام معاوية في عشرة آلاف، فأصيب وجنده بالرويان، وهي متاخمة طبرستان