يزيد لا يحدث نفسه بالفرار، وقد كان يزيد بن الحكم بن أبي العاص- وأمه ابنه الزبرقان السعدي- أتاه وهو بواسطه قبل ان يصل الى العقر، فقال:
ان بني مروان قد باد ملكهم ... فإن كنت لم تشعر بذلك فاشعر
قال يزيد: ما شعرت قال: فقال يزيد بن الحكم بن أبي العاص الثقفي:
فعش ملكا أو مت كريما وان تمت ... وسيفك مشهور بكفك تعذر
قال: أما هذا فعسى:
ولما خرج يزيد إلى أصحابه واستقبلته الهزيمة، فقال: يا سميدع، أرأيي أم رأيك؟ ألم أعلمك ما يريد القوم! قال: بلى والله، والرأي كان رأيك، انا ذا معك لا أزايلك، فمرني بأمرك، قال: إما لا فانزل، فنزل في أصحابه، وجاء يزيد بن المهلب جاء فقال: إن حبيبا قد قتل.
قال هشام: قال أبو مخنف: فحدثني ثابت مولى زهير بن سلمة الأزدي، قال: أشهد أني أسمعه حين قال له ذلك، قال: لا خير في العيش بعد حبيب! قد كنت والله أبغض الحياه بعد الهزيمة، فو الله ما ازددت له إلا بغضا، امضوا قدما فعلمنا والله أن قد استقتل، فأخذ من يكره القتال ينكص، وأخذوا يتسللون، وبقيت معه جماعة حسنة، وهو يزدلف، فكلما مر بخيل كشفها، أو جماعة من أهل الشام عدلوا عنه وعن سنن اصحابه، جاء ابو رؤبه المرجى، فقال: ذهب الناس- وهو يشير بذلك إليه وأنا أسمعه- فقال: هل لك أن تنصرف إلى واسط، فإنها حصن فتنزلها ويأتيك مدد أهل البصرة، ويأتيك أهل عمان والبحرين في السفن، وتضرب خندقا؟
فقال له: قبح الله رأيك! ألي تقول هذا! الموت أيسر علي من ذلك، فقال له: فإني أتخوف عليك لما ترى، أما ترى ما حولك من جبال الحديد! وهو يشير إليه، فقال له: أما أنا فما أباليها، جبال حديد كانت أم جبال نار، اذهب عنا إن كنت لا تريد قتالا معنا قال: وتمثل قول حارثة بن بدر الغداني- قال أبو جعفر أخطأ هذا، هو للأعشى-: