وكانت إقامة يزيد بن المهلب منذ أجمع وهو ومسلمة ثمانية أيام، حتى إذا كان يوم الجمعة لأربع عشرة خلت من صفر، بعث مسلمة إلى الوضاح أن يخرج بالوضاحية والسفن حتى يحرق الجسر، ففعل وخرج مسلمة فعبى جنود أهل الشام، ثم ازدلف بهم نحو يزيد بن المهلب، وجعل على ميمنته جبلة بن مخرمة الكندي، وجعل على ميسرته الهذيل بن زفر بن الحارث العامري، وجعل العباس على ميمنته سيف بن هانئ الهمداني، وعلى ميسرته سويد بن القعقاع التميمي ومسلمة على الناس، وخرج يزيد بن المهلب، وقد جعل على ميمنته حبيب بن المهلب، وعلى ميسرته المفضل بن المهلب، وكان مع المفضل أهل الكوفة وهو عليهم، ومعه خيل لربيعة معها عدد حسن، وكان مما يلي العباس بن الوليد.
قال أبو مخنف: فحدثني الغنوي- قال هشام: وأظن الغنوي العلاء ابن المنهال- إن رجلا من الشام خرج فدعا إِلَى المبارزة، فلم يخرج إِلَيْهِ أحد، فبرز له مُحَمَّد بن المهلب، فحمل عليه، فاتقاه الرجل بيده، وعلى كفه كف من حديد، فضربه مُحَمَّد فقطع كف الحديد وأسرع السيف في كفه، واعتنق فرسه، وأقبل مُحَمَّد يضربه، ويقول: المنجل أعود عليك قال: فذكر لي أنه حيان النبطي قال: فلما دنا الوضاح من الجسر ألهب فيه النار، فسطع دخانه، وقد اقتتل الناس ونشبت الحرب، ولم يشتد القتال، فلما رأى الناس الدخان، وقيل لهم: أحرق الجسر انهزموا، فقالوا ليزيد: قد انهزم الناس.
قال: ومم انهزموا؟ هل كان قتال ينهزم من مثله! فقيل له: قالوا:
أحرق الجسر فلم يثبت أحد، قال: قبحهم الله! بق دخن عليه فطار فخرج وخرج معه أصحابه ومواليه وناس من قومه، فقال:
اضربوا وجوه من ينهزم، ففعلوا ذلك بهم، حتى كثروا عليه، فاستقبلهم منهم مثل الجبال، فقال: دعوهم، فو الله انى لأرجو الا يجمعني الله وإياهم في مكان واحد أبدا، دعوهم يرحمهم الله، غنم عدا في نواحيها الذئب، وكان