أن تجعلونا نصفين، فيكون نصف في أثقالنا ويسير النصف معه، فإن ظفر خاقان فنحن معه، وإن كان غير ذلك كنا كسائر مدائن أهل السغد.
فرضي بازغري والتركيان بما قَالَ، فقال له: اعرض على القوم ما تراضينا به، وأقبل فأخذ بطرف الحبل فجذبوه حتى صار على سور المدينة، فنادى:
يا أهل كمرجة، اجتمعوا، فقد جاءكم قوم يدعونكم إلى الكفر بعد الإيمان، فما ترون؟ قالوا: لا نجيب ولا نرضى، قَالَ: يدعونكم إلى قتال المسلمين مع المشركين، قالوا: نموت جميعا قبل ذلك قَالَ: فأعلموهم. قَالَ: فأشرفوا عليهم، وقالوا: يا بازغري، أتبيع الأسرى في أيديكم فنفادي بهم؟ فأما ما دعوتنا إليه فلا نجيبكم إليه، قَالَ لهم: أفلا تشترون أنفسكم منا؟ فما أنتم عندنا إلا بمنزلة من في أيدينا منكم- وكان في أيديهم الحجاج بْن حميد النضري- فقالوا له: يا حجاج، ألا تكلم؟ قَالَ: علي رقباء، وأمر خاقان بقطع الشجر، فجعلوا يلقون الحطب الرطب، ويلقي أهل كمرجة الحطب اليابس، حتى سوى الخندق، ليقطعوا إليهم، فأشعلوا فيه النيران، فهاجت ريح شديدة- صنعا من الله عز وجل- قَالَ: فاشتعلت النار في الحطب، فاحترق ما عملوا في ستة أيام في ساعة من نهار، ورميناهم فأوجعناهم وشغلناهم بالجراحات قَالَ: وأصابت بازغري نشابة في صرته، فاحتقن بوله، فمات من ليلته، فقطع أتراكه آذانهم، وأصبحوا بشر، منكسين رءوسهم يبكونه، ودخل عليهم أمر عظيم فلما امتد النهار جاءوا بالأسرى وهم مائة، فيهم أبو العوجاء العتكي واصحابه، فقتلوهم، ورموا اليهم برأس الحجاج ابن حميد النضري وكان مع المسلمين مائتان من أولاد المشركين كانوا رهائن في أيديهم، فقتلوهم واستماتوا، واشتد القتال، وقاموا على باب الخندق فسار على السور خمسة أعلام، فقال كليب: من لي بهؤلاء؟ فقال ظهير بْن مقاتل الطفاوي: أنا لك بهم، فذهب يسعى وقال لفتيان: امشوا خلفي، وهو جريح، قَالَ: فقتل يومئذ من الأعلام اثنان، ونجا ثلاثة قَالَ: فقال ملك من الملوك لمحمد بن وساج: العجب إنه لم يبق ملك فيما وراء النهر الا