قاتل بكمرجة غيري، وعز علي ألا أقاتل مع أكفائي ولم ير مكاني فلم يزل أهل كمرجة بذلك، حتى أقبلت جنود العرب، فنزلت فرغانة.
فعير خاقان أهل السغد وفرغانة والشاش والدهاقين، وقال لهم: زعمتم أن في هذه خمسين حمارا، وإنا نفتحها في خمسة أيام، فصارت الخمسة الأيام شهرين وشتمهم وأمرهم بالرحلة، فقالوا: ما ندع جهدا، ولكن أحضرنا غدا فانظر، فلما كان من الغد جاء خاقان فوقف، فقام إليه ملك الطاربند، فاستأذنه في القتال والدخول عليهم، قَالَ: لا أرى أن تقاتل في هذا الموضع- وكان خاقان يعظمه- فقال: اجعل لي جاريتين من جواري العرب، وأنا أخرج عليهم، فأذن له، فقاتل فقتل منهم ثمانية، وجاء حتى وقف على ثلمة وإلى جنب الثلمة بيت فيه خرق يفضي إلى الثلمة، وفي البيت رجل من بني تميم مريض، فرماه بكلوب فتعلق بدرعه، ثم نادى النساء والصبيان، فجذبوه فسقط لوجهه وركبته، ورماه رجل بحجر، فأصاب أصل أذنه فصرع، وطعنه رجل فقتله وجاء شاب أمرد من الترك، فقتله وأخذ سلبه وسيفه، فغلبناهم على جسده- قَالَ: ويقال: إن الذي انتدب لهذا فارس أهل الشاش- فكانوا قد اتخذوا صناعا، وألصقوها بحائط الخندق، فنصبوا قبالة ما اتخذوا أبوابا له، فأقعدوا الرماة وراءها، وفيهم غالب بْن المهاجر الطائي عم أبي العباس الطوسي ورجلان، أحدهما شيباني والآخر ناجي، فجاء فاطلع في الخندق، فرماه الناجي فلم يخطئ قصبه انفه، وعليه كاشخوده تبتية، فلم تضره الرمية، ورماه الشيباني وليس يرى منه غير عينيه، فرماه غالب ابن المهاجر، فدخلت النشابة في صدره، فنكس فلم يدخل خاقان شيء أشد منه.
قَالَ: فيقال: إنه إنما قتل الحجاج وأصحابه يومئذ لما دخله من الجزع، وأرسل إلى المسلمين أنه ليس من رأينا أن نرتحل عن مدينة ننزلها دون افتتاحها، أو ترحلهم عنها فقال له كليب بْن قنان: وليس من ديننا ان نعطى