للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأيدينا حتى نقتل، فاصنعوا ما بدا لكم، فرأى الترك أن مقامهم عليهم ضرر، فأعطوهم الأمان على أن يرحل هو وهم عنهم بأهاليهم وأموالهم إلى سمرقند أو الدبوسية، فقال لهم: اختاروا لأنفسكم في خروجكم من هذه المدينة.

قَالَ: ورأى أهل كمرجة ما هم فيه من الحصار والشدة، فقالوا:

نشاور أهل سمرقند، فبعثوا غالب بْن المهاجر الطائي، فانحدر في موضع من الوادي، فمضى إلى قصر يسمى فرزاونة، والدهقان الذي بها صديق له، فقال له: إني بعثت إلى سمرقند، فاحملني، فقال: ما أجد دابة إلا بعض دواب خاقان، فإن له في روضة خمسين دابة، فخرجا جميعا إلى تلك الروضة، فأخذ برذونا فركبه، وكان إلفه برذون آخر، فتبعه فأتى سمرقند من ليلته، فأخبرهم بأمرهم، فأشاروا عليه بالدبوسية، وقالوا: هي أقرب، فرجع إلى أصحابه، فأخذوا من الترك رهائن ألا يعرضوا لهم، وسألوهم رجلا من الترك يتقوون به مع رجال منهم، فقال لهم الترك: اختاروا من شئتم، فاختاروا كورصول يكون معهم، فكان معهم حتى وصلوا إلى حيث أرادوا.

ويقال: إن خاقان لما رأى أنه لا يصل إليهم شتم أصحابه، وأمرهم بالارتحال عنهم، وكلمه المختار بْن غوزك وملوك السغد وقالوا: لا تفعل أيها الملك، ولكن أعطهم أمانا يخرجون عنها، ويرون أنك إنما فعلت ذلك بهم من أجل غوزك أنه مع العرب في طاعتها، وأن ابنه المختار طلب إليك في ذلك مخافة على أبيه، فأجابهم إلى ذلك، فسرح إليهم كورصول يكون معهم، يمنعهم ممن أرادهم.

قَالَ: فصار الرهن من الترك في أيديهم، وارتحل خاقان، وأظهر أنه يريد سمرقند- وكان الرهن الذي في أيديهم من ملوكهم- فلما ارتحل خاقان- قَالَ كورصول للعرب: ارتحلوا، قالوا: نكره أن نرتحل والترك لم يمضوا، ولا نأمنهم أن يعرضوا لبعض النساء فتحمى العرب فنصير إلى مثل ما كنا فيه من الحرب.

قَالَ: فكف عنهم، حتى مضى خاقان والترك، فلما صلوا الظهر أمرهم

<<  <  ج: ص:  >  >>