إرشسب بن طوج بن أفريدون الملك وقد يقال لفشك فشنج بن زاشمين- حارب منوشهر، بعد أن مضى لقتله طوجا وسلما ستون سنه، وحاصره بطبرستان.
ثم ان منوشهر وفراسياب اصطلحا على أن يجعلا حد ما بين مملكتيهما منتهى رمية سهم رجل من أصحاب منوشهر يدعى ارشباطير- وربما خفف اسمه بعضهم فيقول: إيرش- فحيث ما وقع سهمه من موضع رميته تلك مما يلي بلاد الترك فهو الحد بينهما لا يجاوز ذلك واحد منهما إلى الناحية الاخرى وان ارشباطير نزع بسهم في قوسه، ثم أرسله- وكان قد أعطي قوة وشدة- فبلغت رميته من طبرستان إلى نهر بلخ ووقع السهم هنالك، فصار نهر بلخ حد ما بين الترك وولد طوج وولد إيرج وعمل الفرس، فانقطع بذلك من رميه ارشباطير حروب ما بين فراسياب ومنوشهر.
وذكروا أن منوشهر اشتق من الصراة ودجلة ونهر بلخ أنهارا عظاما.
وقيل إنه هو الذي كرا الفرات الأكبر، وأمر الناس بحراثة الأرض وعمارتها، وزاد في مهنة المقاتلة الرمى، وجعل الرياسة في ذلك لارشباطير لرميته التي رماها وقالوا: إن منوشهر لما مضى من ملكه خمس وثلاثون سنة تناولت الترك من أطراف رعيته، فوبخ قومه وقال لهم: أيها الناس، إنكم لم تلدوا الناس كلهم، وإنما الناس ناس ما عقلوا من أنفسهم ودفعوا العدو عنهم، وقد نالت الترك من أطرافكم، وليس ذلك إلا من ترككم جهاد عدوكم، وقلة المبالاة، وإن الله تبارك وتعالى أعطانا هذا الملك ليبلونا أنشكر فيزيدنا، أم نكفر فيعاقبنا! ونحن اهل بيت عز ومعدن الملك لله، فإذا كان غدا فاحضروا، قَالُوا: نعم واعتذروا، فقال: انصرفوا، فلما كان من الغد أرسل إلى أهل المملكة وأشراف