بدأنا بهذا شهرنا وحذرنا خالد وغيره، فننشدك الله ان تقتل هذا فيفلت منا خالد الذي يهدم المساجد، ويبني البيع والكنائس، ويولي المجوس على المسلمين، وينكح أهل الذمة المسلمات، لعلنا نقتله فيريح الله منه قَالَ:
والله لا أدع ما يلزمني لما بعده، وأرجو أن أقتل هذا الذي قَالَ لي ما قَالَ وأدرك خالدا فاقتله، وإن تركت هذا وأتيت خالدا شهر أمرنا فأفلت هذا، وقد قَالَ الله عز وجل:«قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً» ، قالوا: أنت ورأيك فأتاه فقتله، فنذر بهم الناس وعلموا أنهم خوارج، وابتدروا إلى الطريق هرابا، وخرجت البرد إلى خالد فأخبروه أن خارجة قد خرجت، وهم لا يدرون حينئذ من رئيسهم.
فخرج خالد من واسط حتى اتى الحيرة وهو حينئذ في الحلق، وقد قدم في تلك الأيام قائد من أهل الشام من بني القين في جيش قد وجهوا مددا لعامل خالد على الهند، فنزلوا الحيرة، فلذلك قصدها خالد، فدعا رئيسهم فقال: قاتل هؤلاء المارقة، فإن من قتل منهم رجلا أعطيته عطاء سوى ما قبض بالشام، وأعفيته من الخروج إلى أرض الهند- وكان الخروج إلى أرض الهند شاقا عليهم- فسارعوا إلى ذلك، فقالوا: نقتل هؤلاء النفر ونرجع إلى بلادنا فتوجه القينى اليهم في ستمائه، وضم إليهم خالد مائتين من شرط الكوفة، فالتقوا على الفرات، فعبأ القيني أصحابه، وعزل شرط الكوفة، فقال: لا تكونوا معنا- وإنما يريد في نفسه أن يخلو هو وأصحابه بالقوم فيكون الظفر لهم دون غيرهم لما وعدهم خالد- وخرج إليهم بهلول، فسأل عن رئيسهم حتى عرف مكانه، ثم تنكر له، ومعه لواء أسود، فحمل عليه فطعنه في فرج درعه، فأنفذه فقال: قتلتني قتلك الله! فقال بهلول: إلى النار أبعدك الله.
وولى أهل الشام مع شرط أهل الكوفة منهزمين حتى بلغوا باب الكوفة، وبهلول وأصحابه يقتلونهم فأما الشاميون فإنهم كانوا على خيل جياد ففاتوه، وأما شرط الكوفة فإنه لحقهم، فقالوا: اتق الله فينا فانا مكرهون مقهورون،