فجعل يقرع رءوسهم بالرمح، ويقول: الحقوا! النجاء النجاء! ووجد البهلول مع القيني بدرة فأخذها وكان بالكوفة ستة نفر يرون رأي البهلول، فخرجوا إليه يريدون اللحاق به فقتلوا، وخرج إليهم البهلول وحمل البدرة بين يديه، فقال: من قتل هؤلاء النفر حتى أعطيه هذه الدراهم؟ فجعل هذا يقول: أنا، وهذا يقول:
أنا، حتى عرفهم، وهم يرون أنه من قبل خالد جاء ليعطيهم مالا لقتلهم من قتلوا فقال بهلول لأهل القرية: أصدق هؤلاء، هم قتلوا النفر؟ قالوا:
نعم، وخشي بهلول أنهم ادعوا ذلك طمعا في المال، فقال لأهل القرية:
انصرفوا أنتم، وأمر بأولئك فقتلوا، وعاب عليه أصحابه فحاجهم، فأقروا له بالحجة وبلغت هزيمة القوم خالدا وخبر من قتل من أهل صريفين، فوجه قائدا من بني شيبان أحد بني حوشب بْن يزيد بْن رويم، فلقيهم فيما بين الموصل والكوفة، فشد عليهم البهلول، فقال: نشدتك بالرحم! فإني جانح مستجير! فكف عنه، وانهزم أصحابه، فأتوا خالدا وهو مقيم بالحيرة ينتظر، فلم يرعه إلا الفل قد هجم عليه، فارتحل البهلول من يومه يريد الموصل، فخافه عامل الموصل، فكتب إلى هشام: إن خارجة خرجت فعاثت وأفسدت، وأنه لا يأمن على ناحيته، ويسأله جندا يقاتلهم به، فكتب إليه هشام: وجه إليهم كثارة بْن بشر- وكان هشام لا يعرف البهلول إلا بلقبه- فكتب إليه العامل: إن الخارج هو كثارة.
قَالَ: ثم قَالَ البهلول لأصحابه: إنا والله ما نصنع بابن النصرانية شيئا- يعني خالدا- وما خرجت إلا لله، فلم لا نطلب الرأس الذي يسلط خالدا وذوي خالد! فتوجه يريد هشاما بالشام، فخاف عمال هشام موجدته إن تركوه يجوز بلادهم حتى ينتهى الى الشام، فجند له خالد جندا من أهل العراق، وجند له عامل الجزيرة جندا من أهل الجزيرة، ووجه إليه هشام جندا من أهل الشام، فاجتمعوا بدير بين الجزيرة والموصل، وأقبل بهلول حتى انتهى