للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليهم- ويقال: التقوا بالكحيل دون الموصل- فأقبل بهلول، فنزل على باب الدير، فقالوا له: تزحزح عن باب الدير حتى نخرج إليك، فتنحى وخرجوا، فلما رأى كثرتهم وهو في سبعين جعل من أصحابه ميمنة وميسرة، ثم أقبل عليهم فقال: أكلكم يرجو أن يقتلنا ثم يأتي بلده وأهله سالما؟ قالوا: إنا نرجو ذلك إن شاء الله، فشد على رجل منهم فقتله، فقال: أما هذا فلا يأتي أهله أبدا، فلم يزل ذلك ديدنه حتى قتل منهم ستة نفر، فانهزموا، فدخلوا الدير فحاصرهم، وجاءتهم الأمداد فكانوا عشرين ألفا، فقال له أصحابه: ألا نعقر دوابنا، ثم نشد عليهم شدة واحدة؟ فقال: لا تفعلوا حتى نبلي الله عذرا ما استمسكنا على دوابنا، فقاتلوهم يومهم ذلك كله إلى جنح العصر حتى أكثروا فيهم القتل والجراح.

ثم ان بهلولا وأصحابه عقروا دوابهم وترجلوا، وأصلتوا لهم السيوف، فأوجعوا فيهم، فقتل عامة أصحاب بهلول وهو يقاتل ويذود عن أصحابه، وحمل عليه رجل من جديلة قيس يكنى أبا الموت، فطعنه فصرعه، فوافاه من بقي من أصحابه، فقالوا له: ول أمرنا من بعدك من يقوم به، فقال: إن هلكت فأمير المؤمنين دعامة الشيباني، فإن هلك دعامة فأمير المؤمنين عمرو اليشكري، وكان أبو الموت إنما ختل البهلول ومات بهلول من ليلته، فلما أصبحوا هرب دعامة وخلاهم، فقال رجل من شعرائهم:

لبئس أمير المؤمنين دعامة ... دعامة في الهيجاء شر الدعائم

وقال الضحاك بْن قيس يرثي بهلولا، ويذكر أصحابه:

بدلت بعد أبي بشر وصحبته ... قوما علي مع الأحزاب أعوانا

كأنهم لم يكونوا من صحابتنا ... ولم يكونوا لنا بالأمس خلانا

يا عين أذري دموعا منك تهتانا ... وابكي لنا صحبة بانوا وإخوانا

خلوا لنا ظاهر الدنيا وباطنها ... وأصبحوا في جنان الخلد جيرانا

قَالَ أبو عبيدة: ٤ لما قتل بهلول خرج عمرو اليشكري فلم يلبث أن قتل ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>