٤ خرج العنزي صاحب الأشهب- وبهذا كان يعرف- على خالد في ستين، فوجه إليه خالد السمط بْن مسلم البجلي في أربعة آلاف، فالتقوا بناحية الفرات، فشد العنزي على السمط، فضربه بين أصابعه فألقى سيفه، وشلت يده، وحمل عليهم فانهزمت الحرورية فتلقاهم عبيد أهل الكوفة وسفلتهم، فرموهم بالحجارة حتى قتلوهم.
٤ قَالَ أبو عبيدة: ٤ ثم خرج وزير السختياني على خالد في نفر، وكان مخرجه بالحيرة، فجعل لا يمر بقرية إلا أحرقها، ولا أحد إلا قتله، وغلب على ما هنالك وعلى بيت المال، فوجه اليه خالد قائدا من أصحابه وشرطا من شرط الكوفة، فقاتلوه وهو في نفير، فقاتل حتى قتل عامة أصحابه، وأثخن بالجراح، فأخذ مرتثا، فأتى به خالد، فأقبل على خالد فوعظه، وتلا عليه آيات من القرآن فأعجب خالدا ما سمع منه، فأمسك عن قتله وحبسه عنده، وكان لا يزال يبعث إليه في الليالي فيؤتى به فيحادثه ويسائله، فبلغ ذلك هشاما وسعى به إليه، وقيل: أخذ حروريا قد قتل وحرق وأباح الأموال، فاستبقاه فاتخذه سميرا فغضب هشام، وكتب إلى خالد يشتمه، ويقول: لا تستبق فاسقا قتل وحرق، وأباح الأموال، فكان خالد يقول:
إني أنفس به عن الموت لما كان يسمع من بيانه وفصاحته فكتب فيه إلى هشام يرقق من أمره- ويقال: بل لم يكتب ولكنه كان يؤخر أمره ويدفع عنه- حتى كتب إليه هشام يؤنبه ويأمره بقتله وإحراقه، فلما جاءه أمر عزيمة لا يستطيع دفعه بعث إليه وإلى نفر من أصحابه كانوا أخذوا معه، فامر بهم فادخلوا المسجد، وأدخلت أطنان القصب فشدوا فيها، ثم صب عليهم النفط، ثم أخرجوا فنصبوا في الرحبة، ورموا بالنيران، فما منهم أحد إلا من اضطراب وأظهر جزعا، إلا وزيرا فإنه لم يتحرك، ولم يزل يتلو القرآن حتى مات.
وفي هذه السنة غزا أسد بْن عبد الله الختل وفيها قتل اسد بدرطاخان ملك الختل