للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألفا، إن رجعت إلى الكوفة لم يتخلف عنك أحد، وأعطوه المواثيق والأيمان المغلظة، فجعل يقول: إني أخاف أن تخذلوني وتسلموني كفعلكم بأبي وجدي.

فيحلفون له، فيقول داود بْن على: يا بن عم، إن هؤلاء يغرونك من نفسك! أليس قد خذلوا من كان أعز عليهم منك، جدك علي بْن أبي طالب حتى قتل! والحسن من بعده بايعوه ثم وثبوا عليه فانتزعوا رداءه من عنقه، وانتهبوا فسطاطه، وجرحوه! او ليس قد أخرجوا جدك الحسين، وحلفوا له بأوكد الأيمان ثم خذلوه وأسلموه، ثم لم يرضوا بذلك حتى قتلوه! فلا تفعل ولا ترجع معهم فقالوا: إن هذا لا يريد أن تظهر أنت، ويزعم أنه وأهل بيته أحق بهذا الأمر منكم، فقال: زيد لداود: إن عليا كان يقاتله معاوية بدهائه ونكرائه بأهل الشام، وإن الحسين قاتله يزيد بْن معاوية والأمر عليهم مقبل، فقال له داود: إني لخائف إن رجعت معهم ألا يكون أحد أشد عليك منهم، وأنت أعلم ومضى داود إلى المدينة ورجع زيد إلى الكوفة.

وقال عبيد بْن جناد، عن عطاء بْن مسلم الخفاف، قَالَ: كتب هشام إلى يوسف أن أشخص زيدا إلى بلده، فإنه لا يقيم ببلد غيره فيدعو أهله إلا أجابوه، فأشخصه، فلما كان بالثعلبية- أو القادسية- لحقه المشائيم- يعني أهل الكوفة- فردوه وبايعوه، فأتاه سلمة بْن كهيل، فأستأذن عليه، فأذن له، فذكر قرابته من رسول الله ص وحقه فأحسن.

ثم تكلم زيد فأحسن، فقال له سلمة: اجعل لي الأمان، فقال: سبحان الله! مثلك يسأل مثلي الأمان! وإنما أراد سلمة أن يسمع ذلك أصحابه، ثم قَالَ: لك الأمان، فقال: نشدتك بالله، كم بايعك؟ قَالَ: أربعون ألفا، قَالَ: فكم بايع جدك؟ قَالَ: ثمانون ألفا، قَالَ: فكم حصل معه؟ قال:

ثلاثمائة، قَالَ: نشدتك الله أنت خير أم جدك؟ قَالَ: بل جدي، قَالَ:

أفقرنك الذي خرجت فيهم خير أم القرن الذي خرج فيهم جدك؟ قَالَ:

بل القرن الذي خرج فيهم جدي، قَالَ: أفتطمع أن يفي لك هؤلاء، وقد غدر أولئك بجدك! قَالَ: قد بايعوني، ووجبت البيعة في عنقي وأعناقهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>