قَالَ: أفتأذن لي أن أخرج من البلد؟ قَالَ: لم؟ قَالَ: لا آمن أن يحدث في أمرك حدث فلا أملك نفسي، قَالَ: قد أذنت لك، فخرج إلى اليمامة، وخرج زيد فقتل وصلب فكتب هشام إلى يوسف يلومه على تركه سلمة ابن كهيل يخرج من الكوفه، ويقول: مقامه كان خيرا من كذا وكذا من الخيل تكون معك.
وذكر عمر عن ابى إسحاق- شيخ من أهل أصبهان حدثه- أن عبد الله ابن حسن كتب الى زيد بن على: يا بن عم، إن أهل الكوفة نفخ العلانية، خور السريرة، هوج في الرخاء، جزع في اللقاء، تقدمهم ألسنتهم، ولا تشايعهم قلوبهم، لا يبيتون بعده في الأحداث، ولا ينوءون بدولة مرجوة، ولقد تواترت إلى كتبهم بدعوتهم، فصممت عن ندائهم، وألبست قلبي غشاء عن ذكرهم، يأسا منهم وإطراحا لهم، وما لهم مثل إلا ما قَالَ علي بْن أبي طالب:
إن أهملتم خضتم، وإن حوربتم خزتم، وإن اجتمع الناس على إمام طعنتم، وإن أجبتم إلى مشاقة نكصتم.
وذكر عن هشام بْن عبد الملك، أنه كتب إلى يوسف بْن عمر في أمر زيد بْن علي: أما بعد فقد علمت بحال أهل الكوفة في حبهم أهل هذا البيت، ووضعهم إياهم في غير مواضعهم، لأنهم افترضوا على أنفسهم طاعتهم، ووظفوا عليهم شرائع دينهم، ونحلوهم علم ما هو كائن، حتى حملوهم من تفريق الجماعة على حال استخفوهم فيها إلى الخروج، وقد قدم زين بْن علي على أمير المؤمنين في خصومة عمر بْن الوليد، ففصل أمير المؤمنين بينهما، وراى رجلا جدلا لسنا خليقا بتمويه الكلام وصوغه، واجترار الرجال بحلاوة لسانه، وبكثرة مخارجه في حججه، وما يدلي به عند لدد الخصام من السطوة على الخصم بالقوة الحادة لنيل الفلج، فعجل إشخاصه إلى الحجاز، ولا تخله والمقام قبلك، فإنه إن أعاره القوم أسماعهم فحشاها