معه من دهاقين الختل وغيرهم، وانصرف منها بتماثيل كثيرة، فنصبها في أشروسنة.
وقال بعضهم: لما أتى نصر الشاش تلقاه قدر ملكها بالصلح والهدية والرهن، واشترط عليه إخراج الحارث بْن سريج من بلده، فأخرجه إلى فاراب، واستعمل على الشاش نيزك بْن صالح مولى عمرو بْن العاص، ثم سار حتى نزل قباء من أرض فرغانة، وقد كانوا أحسوا بمجيئه، فأحرقوا الحشيش وحبسوا الميرة ووجه نصر إلى ولي عهد صاحب فرغانة في بقية سنة إحدى وعشرين ومائة، فحاصروه في قلعة من قلاعها، فغفل عنهم المسلمون، فخرجوا على دوابهم فاستاقوها، وأسروا ناسا من المسلمين، فوجه إليهم نصر رجالا من بني تميم، ومعهم محمد بن المثنى- وكان فارسا- فكايدهم المسلمون، فأهملوا دوابهم وكمنوا لهم، فخرجوا فاستاقوا بعضها، وخرج عليهم المسلمون فهزموهم، وقتلوا الدهقان، وأسروا منهم أسراء، وحمل ابن الدهقان المقتول على ابن المثنى، فختله محمد بْن المثنى، فأسره، وهو غلام أمرد، فأتى به نصرا، فضرب عنقه.
وكان نصر بعث سليمان بْن صول إلى صاحب فرغانة بكتاب الصلح بينهما قَالَ سليمان: فقدمت عليه فقال لي: من أنت؟ قلت:
شاكري خليفة كاتب الأمير، قَالَ: فقال: أدخلوه الخزائن ليرى ما أعددنا، فقيل له: قم، قَالَ: قلت ليس بي مشي، قَالَ: قدموا له دابة يركبها، قَالَ: فدخلت خزائنه، فقلت في نفسي: يا سليمان، شمت بك اسرايل وبشر بْن عبيد، ليس هذا إلا لكراهة الصلح، وسأنصرف بخفي حنين.
قَالَ: فرجعت إليه، فقال: كيف رأيت الطريق فيما بيننا وبينكم؟
قلت: سهلا كثير الماء والمرعى، فكره ما قلت له، فقال: ما علمك؟
فقلت: قد غزوت غرشستان وغور والختل وطبرستان، فكيف لا أعلم! قَالَ: فكيف رأيت ما أعددنا؟ قلت: رأيت عدة حسنة، ولكن أما علمت أن صاحب الحصار لا يسلم من خصال! قَالَ: وما هن؟ قلت: لا يأمن أقرب الناس إليه وأحبهم إليه وأوثقهم في نفسه أن يثب به يطلب مرتبته، ويتقرب بذلك، أو يفنى ما قد جمع، فيسلم برمته، أو يصيبه داء فيموت