فنزعاه من أيديكم! فقال لهم زيد: إن أشد ما أقول فيما ذكرتم إنا كنا أحق بسلطان رسول الله ص من الناس أجمعين، وإن القوم استأثروا علينا، ودفعونا عنه، ولم يبلغ ذلك عندنا بهم كفرا، قد ولوا فعدلوا في الناس، وعملوا بالكتاب والسنة قالوا: فلم يظلمك هؤلاء! وان كان أولئك لم يظلموك، فلم تدعو إلى قتال قوم ليسوا لك بظالمين! فقال: وان هؤلاء ليسوا كأولئك، إن هؤلاء ظالمون لي ولكم ولأنفسهم، وإنما ندعوكم إلى كتاب الله وسنه نبيه ص، وإلى السنن أن تحيا، وإلى البدع أن تطفأ، فإن أنتم أجبتمونا سعدتم، وإن أنتم أبيتم فلست عليكم بوكيل ففارقوه ونكثوا بيعته، وقالوا: سبق الإمام- وكانوا يزعمون أن أبا جعفر محمد بْن علي أخا زيد بْن علي هو الإمام، وكان قد هلك يومئذ- وكان ابنه جعفر بْن محمد حيا، فقالوا: جعفر امامنا اليوم بعد أبيه، وهو أحق بالأمر بعد أبيه، ولا نتبع زيد بْن علي فليس بإمام فسماهم زيد الرافضة، فهم اليوم يزعمون أن الذي سماهم الرافضة المغيرة حيث فارقوه وكانت منهم طائفة قبل خروج زيد مروا إلى جعفر بْن محمد بْن علي، فقالوا له: إن زيد بْن علي فينا يبايع، أفترى لنا أن نبايعه؟ فقال لهم: نعم بايعوه، فهو والله أفضلنا وسيدنا وخيرنا فجاءوا، فكتموا ما أمرهم به.
قَالَ: واستتب لزيد بْن علي خروجه، فواعد أصحابه ليلة الأربعاء أول ليلة من صفر سنة اثنتين وعشرين ومائة.
وبلغ يوسف بْن عمر أن زيدا قد ازمع على الخروج، فبعث الى الحكم ابن الصلت، فأمره أن يجمع أهل الكوفة في المسجد الأعظم يحصرهم فيه، فبعث الحكم إلى العرفاء والشرط والمناكب والمقاتلة، فأدخلهم المسجد، ثم نادى مناديه: ألا إن الأمير يقول: من أدركناه في رحله فقد برئت منه الذمة، ادخلوا المسجد الأعظم فأتى الناس المسجد يوم الثلاثاء قبل خروج زيد بيوم، وطلبوا زيدا في دار معاوية بْن إسحاق بْن زيد بْن حارثة الأنصاري، فخرج ليلا، وذلك ليلة الأربعاء، في ليلة شديدة البرد، من دار معاوية بْن