إسحاق، فرفعوا الهرادى فيها النيران، ونادوا: يا منصور.
أمت، أمت يا منصور فكلما أكلت النار هرديا رفعوا آخر، فما زالوا كذلك حتى طلع الفجر، فلما أصبحوا بعث زيد بْن علي القاسم التنعي ثم الحضرمي ورجلا آخر من أصحابه، يناديان بشعارهما، فلما كانوا في صحراء عبد القيس لقيهم جعفر بْن العباس الكندي، فشدوا عليه وعلى أصحابه، فقتل الرجل الذي كان مع القاسم التنعي، وارتث القاسم، فأتي به الحكم، فكلمه فلم يرد عليه شيئا، فأمر به فضربت عنقه على باب القصر، فكان أول من قتل من اصحاب زيد ابن علي هو وصاحبه وأمر الحكم بْن الصلت بدروب السوق فغلقت، وغلقت أبواب المسجد على أهل الكوفة وعلى أرباع الكوفة يومئذ، على ربع أهل المدينة إبراهيم بْن عبد الله بْن جرير البجلي، وعلى مذحج وأسد عمرو ابن أبي بذل العبدي، وعلى كندة وربيعة المنذر بن محمد بن اشعث بْن قيس الكندي، وعلى تميم وهمدان محمد بْن مالك الهمداني ثم الخيواني.
قَالَ: وبعث الحكم بْن الصلت إلى يوسف بْن عمر، فأخبره الخبر، فأمر يوسف مناديه فنادى في أهل الشام: من يأتي الكوفة فيقترب من هؤلاء القوم فيأتيني بخبرهم؟ فقال جعفر بْن العباس الكندي: أنا، فركب في خمسين فارسا، ثم أقبل حتى انتهى إلى جبانة سالم السلولي، فاستخبرهم، ثم رجع إلى يوسف بْن عمر فأخبره، فلما أصبح خرج إلى تل قريب من الحيرة، فنزل عليه ومعه قريش وأشراف الناس، وعلى شرطته يومئذ العباس بْن سعيد المزني، فبعث الريان بْن سلمة الإراشي في الفين ومعه ثلاثمائة من القيقانية رجالا معهم النشاب.
وأصبح زيد بْن علي، فكان جميع من وافاه تلك الليلة مائتي رجل وثمانية عشر رجلا، فقال زيد: سبحان الله! أين الناس! فقيل له: هم في المسجد الأعظم محصورون، فقال: لا والله ما هذا لمن بايعنا بعذر وسمع نصر ابن خزيمة النداء، فاقبل اليه، فلقى عمر بْن عبد الرحمن صاحب شرطة الحكم بْن الصلت في خيله من جهينة عند دار الزبير بن ابى حكمه في الطريق