للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعث بالطومار مع رسول على البريد إلى خالد، فظن أنه عزاه عن أخيه، ففض الخاتم، فلم ير في الطومار غير الهجاء، فقال: ما رأيت كاليوم تعزية! وكان هشام يعيب الوليد ويتنقصه، وكثر عبثه به وبأصحابه وتقصيره به، فلما رأى ذلك الوليد خرج وخرج معه ناس من خاصته ومواليه، فنزل بالأزرق، بين أرض بلقين وفزارة، على ماء يقال له الاغدف، وخلف كاتبه عياض ابن مسلم مولى عبد الملك بْن مروان بالرصافة، فقال له: اكتب إلي بما يحدث قبلكم وأخرج معه عبد الصمد بْن عبد الأعلى، فشربوا يوما فلما أخذ فيهم الشراب، قَالَ الوليد لعبد الصمد: يا أبا وهب، قل أبياتا، فقال:

ألم تر للنجم إذ شيعا ... يبادر في برجه المرجعا

تحير عن قصد مجراته ... أتى الغور والتمس المطلعا

فقلت وأعجبني شأنه ... وقد لاح إذ لاح لي مطمعا:

لعل الوليد دنا ملكه ... فأمسى إليه قد استجمعا

وكنا نؤمل في ملكه ... كتأميل ذي الجدب ان يمرعا

عقدنا له محكمات الأمور ... طوعا فكان لها موضعا

وروي الشعر، فبلغ هشاما، فقطع عن الوليد ما كان يجري عليه، وكتب إلى الوليد: بلغني عنك أنك اتخذت عبد الصمد خدنا ومحدثا ونديما، وقد حقق ذلك عندي ما بلغني عنك، ولم أبرئك من سوء، فأخرج عبد الصمد مذموما مدحورا فأخرجه، وقال فيه:

لقد قذفوا أبا وهب بأمر ... كبير بل يزيد على الكبير

فأشهد أنهم كذبوا عليه ... شهادة عالم بهم خبير

وكتب الوليد إلى هشام يعلمه إخراج عبد الصمد، واعتذر إليه مما بلغه

<<  <  ج: ص:  >  >>