من منادمته، وسأله أن يأذن لابن سهيل في الخروج إليه- وكان ابن سهيل من أهل اليمن وقد ولي دمشق غير مرة، وكان ابن سهيل من خاصة الوليد- فضرب هشام ابن سهيل وسيره، وأخذ عياض بْن مسلم كاتب الوليد، وبلغه أنه يكتب بالأخبار إلى الوليد، فضربه ضربا مبرحا، وألبسه المسوح.
فبلغ الوليد، فقال: من يثق بالناس، ومن يصطنع المعروف! هذا الأحول المشئوم قدمه أبي على أهل بيته فصيره ولى عهده، ثم يصنع بي ما ترون:
لا يعلم أن لي في أحد هوى إلا عبث به، كتب إلي أن أخرج عبد الصمد فاخرجته اليه، وكتبت إليه أن يأذن لابن سهيل في الخروج إلي، فضربه وسيره، وقد علم رأيي فيه، وقد علم انقطاع عياض بْن مسلم إلي، وتحرمه بي ومكانه مني وأنه كاتبي، فضربه وحبسه، يضارني بذلك، اللهم أجرني منه! وقال:
انا النذير لمسدى نعمة أبدا ... إلى المقاريف ما لم يخبر الدخلا
إن أنت أكرمتهم ألفيتهم بطرا ... وإن أهنتهم ألفيتهم ذللا
أتشمخون ومنا رأس نعمتكم ... ستعلمون إذا كانت لنا دولا
انظر فإن كنت لم تقدر على مثل ... له سوى الكلب فاضربه له مثلا
بينا يسمنه للصيد صاحبه ... حتى إذ ما قوى من بعد ما هزلا
عدا عليه فلم تضرره عدوته ... ولو أطاق له أكلا لقد أكلا
وكتب إلى هشام:
لقد بلغني الذي أحدث أمير المؤمنين من قطع ما قطع عني، ومحو ما محا من أصحابي وحرمي وأهلي، ولم أكن أخاف أن يبتلي الله أمير المؤمنين بذلك ولا أبالي به منه، فإن يكن ابن سهيل كان منه ما كان فبحسب العير أن يكون قدر الذئب، ولم يبلغ من صنيعي في ابن سهيل واستصلاحه، وكتابي إلى أمير المؤمنين فيه كنه ما بلغ أمير المؤمنين من قطيعتي، فإن يكن ذلك لشيء في نفس أمير المؤمنين علي، فقد سبب الله لي من العهد، وكتب لي