من العمر، وقسم لي من الرزق ما لا يقدر أحد دون الله على قطع شيء منه دون مدته، ولا صرف شيء عن مواقعه، فقدر الله يجري بمقاديره فيما أحب الناس أو كرهوا، ولا تأخير لعاجله ولا تعجيل لآجله، فالناس بين ذلك يقترفون الآثام على نفوسهم من الله، ولا يستوجبون العقوبة عليه، وأمير المؤمنين أحق أمته بالبصر بذلك والحفظ له، والله الموفق لأمير المؤمنين بحسن القضاء له في الأمور.
فقال هشام لأبي الزبير: يا نسطاس، أترى الناس يرضون بالوليد إن حدث بي حدث؟ قَالَ: بل يطيل الله عمرك يا أمير المؤمنين، قَالَ: ويحك! لا بد من الموت، أفترى الناس يرضون بالوليد؟ قَالَ: يا أمير المؤمنين، إن له في أعناق الناس بيعة، فقال هشام: لئن رضي الناس بالوليد ما أظن الحديث الذي رواه الناس: أن من قام بالخلافة ثلاثة أيام لم يدخل النار، إلا باطلا.
وكتب هشام إلى الوليد:
قد فهم أمير المؤمنين ما كتبت به من قطع ما قطع عنك وغير ذلك، وأمير المؤمنين يستغفر الله من اجرائه ما كان يجرى عليك، ولا يتخوف على نفسه اقتراف الماثم في الذي أحدث من قطع ما قطع، ومحو من محا من صحابتك، لأمرين: أما أحدهما فإيثار أمير المؤمنين إياك بما كان يجري عليك، وهو يعلم وضعك له وإنفاقكه في غير سبيله، وأما الآخر فإثبات صحابتك، وإدرار أرزاقهم عليهم، لا ينالهم ما ينال المسلمين في كل عام من مكروه عند قطع البعوث،