ثم أفضى الأمر إلى عدو الله الوليد، المنتهك للمحارم التي لا يأتي مثلها مسلم، ولا يقدم عليها كافر، تكرما عن غشيان مثلها فلما استفاض ذلك منه واستعلن، واشتد فيه البلاء، وسفكت فيه الدماء، وأخذت الأموال بغير حقها، مع امور فاحشه، لم يكن الله ليملى للعاملين بها إلا قليلا، سرت إليه مع انتظار مراجعته، وإعذار إلى الله وإلى المسلمين، منكرا لعمله وما اجترأ عليه من معاصي الله، متوخيا من الله إتمام الذي نويت، من اعتدال عمود الدين، والأخذ في أهله بما هو رضا، حتى أتيت جندا، وقد وغرت صدورهم على عدو الله، لما رأوا من عمله، فإن عدو الله لم يكن يرى من شرائع الإسلام شيئا إلا أراد تبديله، والعمل فيه بغير ما أنزل الله، وكان ذلك منه شائعا شاملا، عريان لم يجعل الله فيه سترا، ولا لأحد فيه شكا، فذكرت لهم الذي نقمت وخفت من فساد الدين والدنيا، وحضضتهم على تلافي دينهم، والمحاماة عنه، وهم في ذلك مستريبون، قد خافوا ان يكونوا قد ابقوا لأنفسهم بما قاموا عليه، إلى أن دعوتهم إلى تغييره فأسرعوا الإجابة.
فابتعث الله منهم بعثا يخبرهم، من أولي الدين والرضا، وبعثت عليهم عبد العزيز بْن الحجاج بْن عبد الملك، حتى لقي عدو الله إلى جانب قرية يقال لها البخراء، فدعوه إلى أن يكون الأمر شورى، ينظر المسلمون لأنفسهم من يقلدونه ممن اتفقوا عليه، فلم يجب عدو الله الى ذلك، وابى الا تتايعا في ضلالته، فبدرهم الحملة جهالة بالله، فوجد الله عزيزا حكيما، وأخذه أليما شديدا، فقتله الله على سوء عمله وعصبته، ممن صاحبوه من بطانته الخبيثة، لا يبلغون عشرة، ودخل من كان معه سواهم في الحق الذي دعوا إليه.
فأطفأ الله جمرته وأراح العباد منه، فبعدا له ولمن كان على طريقته! أحببت أن أعلمكم ذلك، وأعجل به إليكم، لتحمدوا الله وتشكروه، فإنكم قد أصبحتم اليوم على أمثل حالكم، إذ ولاتكم خياركم، والعدل مبسوط لكم، لا يسار فيكم بخلافه، فأكثروا على ذلك حمد ربكم، وتابعوا منصور بْن جمهور، فقد ارتضيته لكم، على أن عليكم عهد الله وميثاقه، وأعظم ما عهد