فإنه قد أطل أمر عظيم، سيقوم رجل مجهول النسب يظهر السواد، ويدعو إلى دولة تكون، فيغلب على الأمر وأنتم تنظرون وتضطربون فقال نصر:
ما أشبه أن يكون لقلة الوفاء، واستجراح الناس، وسوء ذات البين وجهت إلى الحارث وهو بأرض الترك، فعرضت عليه الولاية والأموال فأبى وشغب، وظاهر علي فقال أبو جعفر عيسى: إن الحارث مقتول مصلوب، وما الكرماني من ذلك ببعيد فوصله نصر قَالَ: وكان سلم بْن أحوز يقول: ما رأيت قوما أكرم إجابة، ولا أبذل لدمائهم من قيس.
قَالَ: فلما خرج نصر من مرو غلب عليها الكرماني، وقال للحارث: إنما أريد كتاب الله، فقال قحطبة: لو كان صادقا لأمددته ألف عنان، فقال مقاتل بْن حيان: أفي كتاب الله هدم الدور وانتهاب الأموال! فحبسه الكرماني في خيمة في العسكر، فكلمه معمر بْن مقاتل بْن حيان- أو معمر بْن حيان- فخلاه، فأتى الكرماني المسجد، ووقف الحارث، فخطب الكرماني الناس، وآمنهم غير محمد بْن الزبير ورجل آخر، فاستأمن لابن الزبير داود بْن أبي داود بْن يعقوب، ودخل الكاتب فآمنه، ومضى الحارث إلى باب دوران وسرخس، وعسكر الكرماني في مصلى أسد، وبعث إلى الحارث فأتاه، فأنكر الحارث هدم الدور وانتهاب الأموال، فهم الكرماني به، ثم كف عنه، فأقام أياما وخرج بشر بْن جرموز الضبي بخرقان، فدعا إلى الكتاب والسنة، وقال للحارث: إنما قاتلت معك طلب العدل، فأما إذ كنت مع الكرماني، فقد علمت أنك إنما تقاتل ليقال: غلب الحارث! وهؤلاء يقاتلون عصبية، فلست مقاتلا معك واعتزل في خمسه آلاف وخمسمائة- ويقال في أربعة آلاف- وقال: نحن الفئة العادلة، ندعو إلى الحق ولا نقاتل إلا من يقاتلنا وأتى الحارث مسجد عياض، فأرسل إلى الكرماني يدعوه إلى أن يكون الأمر شورى، فأبى الكرماني، وبعث الحارث ابنه محمدا فحمل ثقله من دار تميم بْن نصر، فكتب نصر إلى عشيرته ومضر، أن الزموا الحارث مناصحة