للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأتوه، فقال الحارث: إنكم أصل العرب وفرعها، وأنتم قريب عهد بالهزيمة، فاخرجوا إلي بالأثقال، فقالوا: لم نكن نرضى بشيء دون لقائه وكان من مدبري عسكر الكرماني مقاتل بْن سليمان، فأتاه رجل من البخاريين، فقال: أعطني أجر المنجنيق التي نصبتها، فقال: أقم البينة أنك نصبتها من منفعة المسلمين، فشهد له شيبة بْن شيخ الأزدي، فأمر مقاتل فصك له إلى بيت المال قَالَ: فكتب أصحاب الحارث إلى الكرماني: نوصيكم بتقوى الله وطاعته وإيثار أئمة الهدى وتحريم ما حرم الله من دمائكم، فإن الله جعل اجتماعنا كان إلى الحارث ابتغاء الوسيلة إلى الله، ونصيحة في عباده، فعرضنا أنفسنا للحرب ودماءنا للسفك وأموالنا للتلف، فصغر ذلك كله عندنا في جنب ما نرجو من ثواب الله، ونحن وأنتم إخوان في الدين وأنصار على العدو، فاتقوا الله وراجعوا الحق، فإنا لا نريد سفك الدماء بغير حلها.

فأقاموا أياما، فأتى الحارث بْن سريج الحائط فثلم فيه ثلمة ناحية نوبان عند دار هشام بْن أبي الهيثم، فتفرق عن الحارث أهل البصائر وقالوا:

غدرت فأقام القاسم الشيباني وربيع التيمي في جماعة، ودخل الكرماني من باب سرخس، فحاذى الحارث، ومر المنخل بْن عمرو الأزدي فقتله السميدع، أحد بني العدوية، ونادى: يا لثارات لقيط! واقتتلوا، وجعل الكرماني على ميمنته داود بْن شعيب وإخوته: خالدا ومزيدا والمهلب، وعلى ميسرته سورة بْن محمد بْن عزيز الكندي، في كندة وربيعة فاشتد الأمر بينهم، فانهزم أصحاب الحارث وقتلوا ما بين الثلمة وعسكر الحارث، والحارث على بغل فنزل عنه، وركب فرسا فضربه، فجرى وانهزم أصحابه، فبقي في أصحابه، فقتل عند شجرة، وقتل أخوه سوادة وبشر بْن جرموز وقطن بْن المغيرة بْن عجرد، وكف الكرماني، وقتل مع الحارث مائة، وقتل من أصحاب الكرماني مائة، وصلب الحارث عند مدينة مرو بغير رأس.

وكان قتل بعد خروج نصر من مرو بثلاثين يوما، قتل يوم الأحد لست بقين من رجب وكان يقال: إن الحارث يقتل تحت زيتونة أو شجرة غبيراء.

فقتل كذلك سنة ثمان وعشرين ومائة وأصاب الكرماني صفائح ذهب للحارث

<<  <  ج: ص:  >  >>