للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سيره بنى اميه فيكم، وخرقهم بكم، واستذلالهم لكم، واستئثارهم بفيئكم وصدقاتكم ومغانمكم عليكم لكم ذمة الله تبارك وتعالى، وذمه رسوله صلى الله عليه وآله، وذمة العباس رحمه الله، أن نحكم فيكم بما أنزل الله، ونعمل فيكم بكتاب الله، ونسير في العامة منكم والخاصة بِسِيرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تبا تبا لبني حرب بْن أمية وبني مروان! آثروا في مدتهم وعصرهم العاجلة على الآجلة، والدار الفانية على الدار الباقية، فركبوا الآثام، وظلموا الآنام، وانتهكوا المحارم، وغشوا الجرائم، وجاروا في سيرتهم في العباد، وسنتهم في البلاد التي بها استلذوا تسربل الأوزار، وتجلبب الآصار، ومرحوا في أعنة المعاصي، وركضوا في ميادين الغي، جهلا باستدراج الله، وأمنا لمكر الله، فأتاهم بأس الله بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ، فأصبحوا أحاديث، ومزقوا كل ممزق، فبعدا للقوم الظالمين! وأدالنا الله من مروان، وقد غره بالله الغرور، أرسل لعدو الله في عنانه حتى عثر في فضل خطامه، فظن عدو الله أن لن نقدر عليه، فنادى حزبه، وجمع مكايده، ورمى بكتائبه، فوجد أمامه ووراءه وعن يمينه وشماله، من مكر الله وبأسه ونقمته ما أمات باطله، ومحق ضلاله، وجعل دائرة السوء به، وأحيا شرفنا وعزنا، ورد إلينا حقنا وإرثنا.

أيها الناس، إن أمير المؤمنين نصره الله نصرا عزيزا، انما عاد إلى المنبر بعد الصلاة، إنه كره أن يخلط بكلام الجمعة غيره، وإنما قطعه عن استتمام الكلام بعد أن اسحنفر فيه شدة الوعك، وادعوا الله لأمير المؤمنين بالعافية، فقد أبدلكم الله بمروان عدو الرحمن وخليفة الشيطان المتبع للسفلة الذين أفسدوا في الأرض بعد صلاحها بإبدال الدين وانتهاك حريم المسلمين، الشاب المتكهل المتمهل، المقتدي بسلفه الأبرار الأخيار، الذين أصلحوا الأرض بعد فسادها، بمعالم الهدى، ومناهج التقوى.

فعج الناس له بالدعاء ثم قَالَ:

يا أهل الكوفة، إنا والله ما زلنا مظلومين مقهورين على حقنا، حتى أتاح الله لنا شيعتنا أهل خراسان، فأحيا بهم حقنا، وأفلج بهم حجتنا، واظهر بهم

<<  <  ج: ص:  >  >>