دولتنا، وأراكم الله ما كنتم تنتظرون، واليه تتشوفون، فأظهر فيكم الخليفة من هاشم، وبيض به وجوهكم، وأدالكم على أهل الشام، ونقل إليكم السلطان، وعز الإسلام، ومن عليكم بإمام منحه العدالة، وأعطاه حسن الإيالة.
فخذوا ما آتاكم الله بشكر، والزموا طاعتنا، ولا تخدعوا عن انفسكم فان الأمر امركم، وان لكل أهل بيت مصرا، وإنكم مصرنا ألا وإنه ما صعد منبركم هذا خليفة بعد رسول الله ص الا امير المؤمنين على ابن أبي طالب وأمير المؤمنين عبد الله بْن محمد- وأشار بيده إلى أبي العباس- فاعلموا أن هذا الأمر فينا ليس بخارج منا حتى نسلمه الى عيسى بن مريم صلى الله عليه، والحمد لله رب العالمين على ما أبلانا وأولانا.
ثم نزل أبو العباس وداود بْن علي أمامه، حتى دخل القصر، وأجلس أبا جعفر ليأخذ البيعة على الناس في المسجد، فلم يزل يأخذها عليهم، حتى صلى بهم العصر، ثم صلى بهم المغرب، وجنهم الليل، فدخل.
وذكر أن داود بْن علي وابنه موسى كانا بالعراق أو بغيرها، فخرجا يريدان الشراة فلقيهما أبو العباس يريد الكوفة، معه أخوه أبو جعفر عبد الله بْن محمد وعبد الله بْن علي وعيسى بْن موسى ويحيى بْن جعفر بْن تمام بْن العباس، ونفر من مواليهم بدومة الجندل، فقال لهم داود: أين تريدون؟ وما قصتكم؟
فقص عليه أبو العباس قصتهم، وأنهم يريدون الكوفة ليظهروا بها، ويظهروا أمرهم، فقال له داود: يا أبا العباس، تأتي الكوفه وشيخ بنى مروان، مروان ابن محمد بحران مطل على العراق في أهل الشام والجزيرة، وشيخ العرب يزيد بْن عمر بْن هبيرة بالعراق في حلبة العرب! فقال أبو الغنائم: من أحب الحياة ذل، ثم تمثل بقول الأعشى:
فما مِيتَةٌ إِنْ مِتُّهَا غَيْرُ عَاجِزٍ ... بِعَارٍ إِذَا ما غالت النفس غولها
فالتفت داود إلى ابنه موسى فقال: صدق والله ابن عمك، فارجع بنا معه نعش أعزاء أو نمت كراما، فرجعوا جميعا، فكان عيسى بْن موسى