للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطومار فقرأه، فلما رأى ما فيه دعا أناسا من خاصته فأخبرهم الخبر، وأفشى إليهم أمره، وشاورهم، وقال: من أراد منكم أن ينجو ويهرب فليسر معي، فإني أريد أن آخذ طريق العراق، وأخبرهم ما كتب به عبد الله بْن علي في أمره، وقال لهم: من لم يرد منكم أن يحمل نفسه على السير فلا يفشين سري، وليذهب حيث أحب.

قَالَ: فاتبعه على ذلك ناس من أصحابه، فأمر حميد بدوابه فأنعلت، وأنعل أصحابه دوابهم، وتأهبوا للمسير معه، ثم فوز بهم وبهرج الطريق فأخذ على ناحية من الرصافة، رصافة هشام بالشام، وبالرصافة يومئذ مولى لعبد الله بْن علي يقال له سعيد البربري، فبلغه أن حميد بْن قحطبة قد خالف عبد الله بْن علي، وأخذ في المفازة، فسار في طلبه فيمن معه من فرسانه، فلحقه ببعض الطريق، فلما بصر به حميد ثنى فرسه نحوه حتى لقيه، فقال له:

ويحك! أما تعرفني! والله مالك في قتالي من خير فارجع، فلا تقتل أصحابي وأصحابك، فهو خير لك فلما سمع كلامه عرف ما قَالَ له، فرجع إلى موضعه بالرصافة، ومضى حميد ومن كان معه، فقال له صاحب حرسه موسى بْن ميمون: إن لي بالرصافة جارية، فإن رأيت أن تأذن لي فآتيها فأوصيها ببعض ما أريد، ثم ألحقك! فأذن له فأتاها، فأقام عندها، ثم خرج من الرصافة يريد حميدا، فلقيه سعيد البربري مولى عبد الله بْن علي، فأخذه فقتله، وأقبل عبد الله بْن علي حتى نزل نصيبين، وخندق عليه.

وأقبل أبو مسلم وكتب أبو جعفر إلى الحسن بْن قحطبة- وكان خليفته بأرمينية- أن يوافي أبا مسلم، فقدم الحسن بْن قحطبة على أبي مسلم وهو بالموصل، وأقبل أبو مسلم، فنزل ناحية لم يعرض له، وأخذ طريق الشام، وكتب إلى عبد الله:

إني لم أومر بقتالك، ولم أوجه له، ولكن أمير المؤمنين ولاني الشام، وإنما أريدها، فقال من كان مع عبد الله من أهل الشام لعبد الله: كيف نقيم معك وهذا يأتي بلادنا، وفيها حرمنا فيقتل من قدر عليه من رجالنا، ويسبى ذرارينا!

<<  <  ج: ص:  >  >>