للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكنا نخرج إلى بلادنا فنمنعه حرمنا وذرارينا ونقاتله إن قاتلنا، فقال لهم عبد الله بْن علي: إنه والله ما يريد الشام، وما وجه الا لقتالكم، ولئن أقمتم ليأتينكم قَالَ: فلم تطب أنفسهم، وأبوا إلا المسير إلى الشام قَالَ: وأقبل أبو مسلم فعسكر قريبا منهم، وارتحل عبد الله بْن علي من عسكره متوجها نحو الشام، وتحول أبو مسلم حتى نزل في معسكر عبد الله ابن علي في موضعه، وعور ما كان حوله من المياه، وألقى فيها الجيف.

وبلغ عبد الله بْن علي نزول أبي مسلم معسكره، فقال لأصحابه من أهل الشام: ألم أقل لكم! وأقبل فوجد أبا مسلم قد سبقه إلى معسكره، فنزل في موضع عسكر أبي مسلم الذي كان فيه، فاقتتلوا أشهرا خمسة أو ستة، وأهل الشام أكثر فرسانا وأكمل عده، وعلى ميمنه عبد الله بكار بْن مسلم العقيلي، وعلى ميسرته حبيب بْن سويد الأسدي، وعلى الخيل عبد الصمد بْن علي، وعلى ميمنة أبي مسلم الحسن بْن قحطبة، وعلى الميسرة أبو نصر خازم بْن خزيمة، فقاتلوه أشهرا.

قَالَ علي: قَالَ هشام بْن عمرو التغلبي: كنت في عسكر أبي مسلم، فتحدث الناس يوما، فقيل: أي الناس أشد؟ فقال: قولوا حتى أسمع، فقال رجل: أهل خراسان وقال آخر: أهل الشام، فقال أبو مسلم: كل قوم في دولتهم أشد الناس قَالَ: ثم التقينا، فحمل علينا أصحاب عبد الله بْن علي فصدمونا صدمة أزالونا بها عن مواضعنا، ثم انصرفوا وشد علينا عبد الصمد في خيل مجردة، فقتل منا ثمانية عشر رجلا، ثم رجع في أصحابه، ثم تجمعوا فرموا بأنفسهم: فأزالوا صفنا وجلنا جولة، فقلت لأبي مسلم:

لو حركت دابتى حتى اشرف على هذا التل فاصبح بالناس، فقد انهزموا! فقال: افعل، قَالَ: قلت: وأنت أيضا فتحرك دابتك، فقال: إن أهل الحجى لا يعطفون دوابهم على هذه الحال، ناد: يا أهل خراسان ارجعوا، فإن العاقبة لمن اتقى

<<  <  ج: ص:  >  >>