للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: ففعلت، فتراجع الناس، وارتجز أبو مسلم يومئذ فقال:

من كان ينوي أهله فلا رجع فر من الموت وفي الموت وقع قَالَ: وكان قد عمل لأبي مسلم عريش، فكان يجلس عليه إذا التقى الناس فينظر إلى القتال، فإن رأى خللا في الميمنة أو في الميسرة أرسل إلى صاحبها:

إن في ناحيتك انتشارا، فاتق ألا تؤتى من قبلك، فافعل كذا، قدم خيلك كذا، أو تأخر كذا إلى موضع كذا، فإنما رسله تختلف إليهم برأيه حتى ينصرف بعضهم عن بعض.

قَالَ: فلما كان يوم الثلاثاء- أو الأربعاء- لسبع خلون من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين ومائة- أو سبع وثلاثين ومائة- التقوا فاقتتلوا قتالا شديدا.

فلما رأى ذلك أبو مسلم مكر بهم، فأرسل إلى الحسن بْن قحطبة- وكان على ميمنته- أن أعر الميمنة وضم أكثرها إلى الميسرة، وليكن في الميمنة حماة أصحابك وأشداؤهم فلما رأى ذلك أهل الشام أعروا ميسرتهم، وانضموا إلى ميمنتهم بإزاء ميسرة أبي مسلم ثم أرسل أبو مسلم إلى الحسن أن مر أهل القلب فليحملوا مع من بقي في الميمنة على ميسرة أهل الشام فحملوا عليهم فحطموهم وجال أهل القلب والميمنة.

قَالَ: وركبهم أهل خراسان فكانت الهزيمة، فقال عبد الله بْن علي لابن سراقه الأزدي- وكان معه: يا بن سراقة، ما ترى؟ قَالَ: أرى والله أن تصبر وتقاتل حتى تموت، فإن الفرار قبيح بمثلك، وقبل عبته على مروان، فقلت: قبح الله مروان! جزع من الموت ففر! قَالَ: فإني آتي العراق، قَالَ: فأنا معك فانهزموا وتركوا عسكرهم، فاحتواه أبو مسلم، وكتب بذلك إلى أبي جعفر فأرسل أبو جعفر أبا الخصيب مولاه يحصي ما أصابوا في عسكر عبد الله بْن علي، فغضب من ذلك أبو مسلم ومضى عبد الله بْن علي وعبد الصمد بْن علي، فأما عبد الصمد فقدم الكوفة فاستأمن له عيسى بْن موسى فآمنه أبو جعفر، وأما عبد الله بْن علي فأتى سليمان بْن علي بالبصرة، فأقام عنده وآمن أبو مسلم الناس فلم يقتل أحدا، وأمر بالكف عنهم

<<  <  ج: ص:  >  >>