قَالَ: وولى رجلا من أهل العراق شيئا من خراج السواد، فأوصاه، وتقدم إليه، فقال: ما أعرفني بما في نفسك! تخرج الساعة فتقول: من عال بعدها فلا اجتبر أخرج عنى وامض الى عملك، فو الله لئن تعرضت لذلك لأبلغن من عقوبتك ما تستحقه قال: فوليا جميعا وصححا وناصحا.
ذكر الصباح بْن عبد الملك الشيباني، عن إسحاق بْن موسى بْن عيسى، أن المنصور ولى رجلا من العرب حضرموت، فكتب إليه وإلى البريد أنه يكثر الخروج في طلب الصيد ببزاة وكلاب قد أعدها، فعزله وكتب إليه: ثكلتك أمك وعدمتك عشيرتك! ما هذه العدة التي أعددتها للنكاية في الوحش! إنا إنما استكفيناك أمور المسلمين، ولم نستكفك أمور الوحش، سلم ما كنت تلي من عملنا إلى فلان بْن فلان، والحق بأهلك ملوما مدحورا.
وذكر الربيع أنه قَالَ: أدخل على المنصور سهيل بْن سالم البصري، وقد ولي عملا فعزل، فأمر بحبسه واستئدائه، فقال سهيل: عبدك يا أمير المؤمنين، قَالَ: بئس العبد أنت! قَالَ: لكنك يا أمير المؤمنين نعم المولى! قَالَ:
أما لك فلا.
قَالَ: وذكر عن الفضل بْن الربيع عن أبيه، أنه قَالَ: بينا أنا قائم بين يدي المنصور أو على رأسه، إذ أتي بخارجي قد هزم له جيوشا، فأقامه ليضرب عنقه، ثم اقتحمته عينه، فقال: يا بن الفاعلة، مثلك يهزم الجيوش! فقال له الخارجي: ويلك وسوءة لك! بيني وبينك أمس السيف والقتل، واليوم القذف والسب! وما كان يؤمنك أن أرد عليك وقد يئست من الحياة فلا تستقيلها ابدا! قال: فاستحيا منه المنصور وأطلقه، فما رأى له وجها حولا.
ذكر عبد الله بْن عمرو الملحي أن هارون بْن محمد بْن إسماعيل بْن موسى الهادي، قَالَ: حدثني عبد الله بْن مُحَمَّد بْن أبي أيوب المكي، عن أبيه، قَالَ: حدثني عمارة بْن حمزة، قَالَ: كنت عند المنصور، فانصرفت من عنده في وقت انتصاف النهار، وبعد أن بايع الناس للمهدي، فجاءني المهدى