للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبقية العرب، وأهل العراق ركن الإسلام ومقاتلة عن الدين، وأهل الشام حصن الأمة وأسنة الأئمة، وأهل خراسان فرسان الهيجاء وأعنة الرجال، والترك منابت الصخور وأبناء المغازي، وأهل الهند حكماء استغنوا ببلادهم فاكتفوا بها عما يليهم، والروم أهل كتاب وتدين نحاهم الله من القرب إلى البعد، والأنباط كان ملكهم قديما فهم لكل قوم عبيد قَالَ: فأي الولاة أفضل؟ قَالَ: الباذل للعطاء، والمعرض عن السيئة قَالَ: فأيهم أخرق؟ قَالَ: أنهكهم للرعية، وأتعبهم لها بالخرق والعقوبة قَالَ:

فالطاعة على الخوف أبلغ في حاجة الملك أم الطاعة على المحبة؟ قَالَ: يا أمير المؤمنين، الطاعة عند الخوف تسر الغدر وتبالغ عند المعاينة، والطاعة على المحبة تضمر الاجتهاد وتبالغ عند الغفلة قَالَ: فأي الناس أولاهم بالطاعة؟

قَالَ: أولاهم بالمضرة والمنفعة قَالَ: ما علامة ذلك؟ قَالَ: سرعة الإجابة وبذل النفس قَالَ: فمن ينبغي للملك أن يتخذه وزيرا؟ قَالَ: أسلمهم قلبا، وأبعدهم من الهوى.

وذكر عن أبي عبيد الله الكاتب، قَالَ: سمعت المنصور يقول للمهدي حين عهد له بولاية العهد: يا أبا عبد الله، استدم النعمة بالشكر، والقدرة بالعفو، والطاعة بالتألف والنصر بالتواضع، ولا تنس مع نصيبك من الدنيا نصيبك من رحمة الله.

وذكر الزبير بْن بكار، قَالَ: حدثني مبارك الطبري، قَالَ: سمعت أبا عبيد الله يقول: سمعت المنصور يقول للمهدي: لا تبرم أمرا حتى تفكر فيه، فإن فكر العاقل مرآته، تريه حسنه وسيئه.

وذكر الزبير أيضا، عن مصعب بْن عبد الله، عن أبيه، قَالَ: سمعت أبا جعفر المنصور يقول للمهدي: يا أبا عبد الله، لا يصلح السلطان إلا بالتقوى، ولا تصلح رعيته إلا بالطاعة، ولا تعمر البلاد بمثل العدل، ولا تدوم نعمة السلطان وطاعته إلا بالمال، ولا تقدم في الحياطة بمثل نقل الأخبار

<<  <  ج: ص:  >  >>