للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقدر الناس على العفو أقدرهم على العقوبة، وأعجز الناس من ظلم من هو دونه واعتبر عمل صاحبك وعلمه باختباره.

وعن المبارك الطبري أنه سمع أبا عبيد الله يقول: سمعت المنصور يقول للمهدي: يا أبا عبد الله، لا تجلس مجلسا إلا ومعك من أهل العلم من يحدثك، فإن محمد بْن شهاب الزهري قَالَ: الحديث ذكر ولا يحبه إلا ذكور الرجال، ولا يبغضه إلا مؤنثوهم، وصدق أخو زهرة! وذكر عن علي بْن مجاهد بْن محمد بْن علي، أن المنصور قَالَ للمهدي:

يا أبا عبد الله، من أحب الحمد أحسن السيرة، ومن أبغض الحمد أساءها، وما أبغض أحد الحمد إلا استذم، وما استذم إلا كره.

وقال المبارك الطبري: سمعت أبا عبيد الله، يقول: قَالَ المنصور للمهدي:

يا أبا عبد الله، ليس العاقل الذي يحتال للأمر الذي وقع فيه حتى يخرج منه، ولكنه الذي يحتال للأمر الذي غشيه حتى لا يقع فيه.

وذكر الفقيمي، عن عتبة بْن هارون، قَالَ: قَالَ أبو جعفر يوما للمهدي:

كم راية عندك؟ قَالَ: لا أدري، قَالَ: هذا والله التضييع، أنت لأمر الخلافة أشد تضييعا، ولكن قد جمعت لك ما لا يضرك معه ما ضيعت، فاتق الله فيما خولك.

وذكر علي بْن محمد عن حفص بْن عمر بْن حماد، عن خالصة، قالت:

دخلت على المنصور، فإذا هو يتشكى وجع ضرسه، فلما سمع حسي، قَالَ: ادخلي، فلما دخلت إذا هو واضع يده على صدغيه، فسكت ساعة ثم قَالَ لي: يا خالصة، كم عندك من المال؟ قلت: ألف درهم، قَالَ:

ضعي يدك على رأسي واحلفي، قلت: عندي عشرة آلاف دينار، قَالَ:

احمليها إلي، فرجعت فدخلت على المهدي والخيزران فأخبرتهما، فركلني المهدي برجله، وقال لي: ما ذهب بك إليه! ما به من وجع، ولكني سألته أمس مالا فتمارض، احملي إليه ما قلت، ففعلت، فلما أتاه المهدي، قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>