للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دعاء سمعته منك أحببت أن آخذه عنك، قال: لا ترده، فإنه غير مستجاب، لأني قد دعوت الله به ان يريحني من خلفتك فلم يفعل، وصرفه ولم يعطه شيئا.

وذكر الهيثم بن عدى ان ابن عياش حدثه أن ابن هبيرة أرسل إلى المنصور وهو محصور بواسط، والمنصور بإزائه: إني خارج يوم كذا وكذا وداعيك إلى المبارزة، فقد بلغنى تجبينك إياي، فكتب اليه: يا بن هبيرة، انك امرؤ متعد طورك، جار في عنان غيك، يعدك الله ما هو مصدقه، ويمنيك الشيطان ما هو مكذبه، ويقرب ما الله مباعده، فرويدا يتم الكتاب أجله، وقد ضربت مثلي ومثلك، بلغني أن أسدا لقي خنزيرا، فقال له الخنزير:

قاتلني، فقال الأسد: إنما أنت خنزير ولست لي بكفء ولا نظير، ومتى فعلت الذي دعوتني إليه فقتلتك، قيل لي: قتلت خنزيرا، فلم أعتقد بذلك فخرا ولا ذكرا، وإن نالني منك شيء كان سبة علي، فقال: إن أنت لم تفعل رجعت إلى السباع فأعلمتها أنك نكلت عني وجبنت عن قتالي، فقال الأسد: احتمال عار كذبك أيسر علي من لطخ شاربي بدمك.

وذكر عن محمد بْن رياح الجوهري، قَالَ: ذكر لأبي جعفر تدبير هشام بْن عبد الملك في حرب كانت له، فبعث إلى رجل كان معه ينزل الرصافة- رصافة هشام- يسأله عن ذلك الحرب، فقدم عليه فقال: أنت صاحب هشام؟ قَالَ: نعم يا أمير المؤمنين، قَالَ: فأخبرني كيف فعل في حرب دبرها في سنة كذا وكذا؟ قَالَ: إنه فعل فيها رحمه الله كذا وكذا، ثم أتبع بأن قَالَ: فعل كذا رضي الله عنه، فأحفظ ذلك المنصور، فقال:

قم عليك غضب الله! تطأ بساطي وتترحم على عدوي! فقام الشيخ، وهو يقول:

إن لعدوك قلادة في عنقي ومنة في رقبتي لا ينزعها عني إلا غاسلي، فأمر المنصور برده، وقال: اقعد، هيه! كيف قلت؟ فقلت: إنه كفاني الطلب، وصان وجهي عن السؤال، فلم أقف على باب عربي ولا أعجمي منذ رأيته، أفلا

<<  <  ج: ص:  >  >>