للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجب علي أن أذكره بخير وأتبعه بثنائي! فقال: بلى، لله أم نهضت عنك، وليلة أدتك، أشهد أنك نهيض حرة وغراس كريم، ثم استمع منه وأمر له ببر، فقال: يا أمير المؤمنين، ما آخذه لحاجة، وما هو إلا أني أتشرف بحبائك، وأتبجح بصلتك فأخذ الصلة وخرج، فقال المنصور:

عند مثل هذا تحسن الصنيعة، ويوضع المعروف، ويجاد بالمصون، وأين في عسكرنا مثله! وذكر عن حفص بْن غياث، عن ابن عياش، قَالَ: كان أهل الكوفة لا تزال الجماعة منهم قد طعنوا على عاملهم، وتظلموا على أميرهم، وتكلموا كلاما فيه طعن على سلطانهم، فرفع ذلك في الخبر، فقال للربيع: أخرج إلي من بالباب من أهل الكوفة، فقل لهم: إن أمير المؤمنين يقول لكم لئن اجتمع اثنان منكم في موضع لأحلقن رءوسهما ولحاهما، ولأضربن ظهورهما، فالزموا منازلكم، وابقوا على أنفسكم فخرج إليهم الربيع بهذه الرسالة فقال له ابن عياش: يا شبه عيسى بن مريم، أبلغ أمير المؤمنين عنا كما أبلغتنا عنه، فقل له: والله يا أمير المؤمنين ما لنا بالضرب طاقة، فأما حلق اللحى فإذا شئت- وكان ابن عياش منتوفا- فأبلغه، فضحك، وقال: قاتله الله ما أدهاه وأخبثه! وقال موسى بْن صالح: حدثني محمد بْن عقبة الصيداوي عن نصر بْن حرب- وكان في حرس أبي جعفر- قَالَ: رفع إلي رجل قد جيء به من بعض الآفاق، قد سعى في فساد الدولة، فأدخلته على أبي جعفر، فلما رآه قَالَ: أصبغ! قَالَ: نعم يا أمير المؤمنين، قَالَ: ويلك! أما أعتقتك وأحسنت إليك! قَالَ: بلى، قَالَ: فسعيت في نقض دولتي وإفساد ملكي! قَالَ:

أخطأت وأمير المؤمنين أولى بالعفو قَالَ: فدعا أبو جعفر عمارة- وكان حاضرا- فقال: يا عمارة، هذا أصبغ، فجعل يتثبت في وجهي، وكأن في عينيه سوءا، فقال: نعم يا أمير المؤمنين، قَالَ: علي بكيس عطائي، فأتي بكيس فيه خمسمائة درهم، فقال: خذها فإنها وضح، ويلك، وعليك

<<  <  ج: ص:  >  >>