للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيعرض عليه الكتاب ليفتيه فيه برخصة، فكانت أم موسى إذا علمت مكانه بادرته، فأرسلت إليه بمال جزيل، فإذا عرض عليه أبو جعفر الكتاب لم يفته فيه برخصة، حتى ماتت بعد عشر سنين من سلطانه ببغداد، فأتته وفاتها بحلوان، فأهديت له في تلك الليلة مائة بكر، وكانت أم موسى ولدت له جعفرا والمهدي.

وذكر عن علي بْن الجعد أنه قَالَ: لما قدم بختيشوع الأكبر على المنصور من السوس، ودخل عليه في قصره بباب الذهب ببغداد، أمر له بطعام يتغدى به، فلما وضعت المائدة بين يديه، قَالَ: شراب، فقيل له:

إن الشراب لا يشرب على مائدة أمير المؤمنين، فقال: لا آكل طعاما ليس معه شراب، فأخبر المنصور بذلك، فقال: دعوه، فلما حضر العشاء فعل به مثل ذلك، فطلب الشراب، فقيل له: لا يشرب على مائدة أمير المؤمنين الشراب، فتعشى وشرب ماء دجلة، فلما كان من الغد نظر إلى مائه، فقال: ما كنت أحسب شيئا يجزي من الشراب، فهذا ماء دجلة يجزي من الشراب وذكر عن يحيى بْن الحسن أن أباه حدثه، قَالَ: كتب المنصور الى عامله بالمدينة أن بع ثمار الضياع ولا تبعها إلا ممن نغلبه ولا يغلبنا، فإنما يغلبنا المفلس الذي لا مال له، ولا رأي لنا في عذابه، فيذهب بما لنا قبله ولو أعطاك جزيلا، وبعها من الممكن بدون ذلك ممن ينصفك ويوفيك.

وذكر أبو بكر الهذلي ان أبا جعفر كان يقول: ليس بإنسان من أسدي إليه معروف فنسيه دون الموت.

وقال الفضل بْن الربيع: سمعت المنصور يقول: كانت العرب تقول:

الغوى الفادح خير من الري الفاضح.

وذكر عن أبان بْن يزيد العنبري أن الهيثم القارئ البصري قرأ عند المنصور «وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً» ، إلى آخر الآية، فقال له المنصور، وجعل يدعو:

اللهم جنبني وبني التبذير فيما أنعمت به علينا من عطيتك

<<  <  ج: ص:  >  >>