قَالَ: وقرأ الهيثم عنده: «الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ*» فقال للناس: لولا أن الأموال حصن السلطان ودعامة للدين والدنيا وعزهما وزينتهما ما بت ليلة وأنا أحرز منه دينارا ولا درهما، لما أجد لبذل المال من اللذاذة، ولما أعلم في إعطائه من جزيل المثوبة.
ودخل على المنصور رجل من أهل العلم، فازدراه واقتحمته عينه، فجعل لا يسأله عن شيء إلا وجد عنده، فقال له: أنى لك هذا العلم! قَالَ: لم أبخل بعلم علمته، ولم أستح من علم أتعلمه قَالَ: فمن هناك! قَالَ: وكان المنصور كثيرا ما يقول: من فعل بغير تدبير، وقال عن غير تقدير، لم يعدم من الناس هازئا أو لاحيا.
وذكر عن قحطبة، قَالَ: سمعت المنصور يقول: الملوك تحتمل كل شيء من أصحابها إلا ثلاثا: إفشاء السر، والتعرض للحرمة، والقدح في الملك.
وذكر علي بْن محمد أن المنصور كان يقول: سرك من دمك، فانظر من تملكه.
وذكر الزبير بْن بكار، عن عمر، قَالَ: لما حمل عبد الجبار بْن عبد الرحمن الأزدي إلى المنصور بعد خروجه عليه، قَالَ له: يا أمير المؤمنين، قتلة كريمة! قَالَ: تركتها وراءك يا بن اللخناء! وذكر عن عمر بْن شبة، أن قحطبة بْن غدانة الجشمي- وكان من الصحابة- قَالَ: سمعت أبا جعفر المنصور يخطب بمدينة السلام سنة اثنتين وخمسين ومائة، فقال: يا عباد الله، لا تظالموا، فإنها مظلمة يوم القيامة، والله لولا يد خاطئة، وظلم ظالم، لمشيت بين أظهركم في أسواقكم، ولو علمت مكان من هو أحق بهذا الأمر مني لأتيته حتى أدفعه إليه.
وذكر إسحاق الموصلي، عن النضر بْن حديد، قَالَ: حدثنى بعض