الصحابة أن المنصور كان يقول: عقوبة الحليم التعريض، وعقوبة السفيه التصريح.
وذكر أحمد بْن خالد، قَالَ: حدثني يحيى بْن أبي نصر القرشي، أن أبانا القارئ قرأ عند المنصور:«وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ» ، الآية فقال المنصور: ما أحسن ما أدبنا ربنا! قَالَ: وقال المنصور: من صنع مثل ما صنع إليه فقد كافأ، ومن أضعف فقد شكر، ومن شكر كان كريما، ومن علم أنه إنما صنع إلى نفسه لم يستبطئ الناس في شكرهم، ولم يستزدهم من مودتهم، فلا تلتمس من غيرك شكر ما آتيته الى نفسك، ووقيت به عرضك واعلم أن طالب الحاجة إليك لم يكرم وجهه عن وجهك، فأكرم وجهك عن رده.
وذكر عمر بْن شبة أن محمد بْن عبد الوهاب المهلبي، حدثه، قَالَ:
سمعت إسحاق بْن عيسى يقول: لم يكن أحد من بني العباس يتكلم فيبلغ حاجته على البديهة غير أبي جعفر وداود بْن علي والعباس بْن محمد.
وذكر عن أحمد بْن خالد، قَالَ: حدثني إسماعيل بْن إبراهيم الفهري، قَالَ: خطب المنصور ببغداد في يوم عرفة- وقال قوم: بل خطب في أيام منى- فقال في خطبته: أيها الناس، إنما أنا سلطان الله في أرضه، أسوسكم بتوفيقه وتسديده، وأنا خازنه على فيئه، أعمل بمشيئته، وأقسمه بإرادته، وأعطيه بإذنه، قد جعلني الله عليه قفلا، إذا شاء أن يفتحني لأعطياتكم وقسم فيئكم وأرزاقكم فتحني، وإذا شاء أن يقفلني أقفلني، فارغبوا إلى الله أيها الناس، وسلوه في هذا اليوم الشريف الذي وهب لكم فيه من فضله ما أعلمكم به في كتابه، إذ يقول تبارك وتعالى:«الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً» أن يوفقني للصواب ويسددني للرشاد، ويلهمني الرأفة بكم والإحسان إليكم، ويفتحني لأعطياتكم